• الفهرس
  • عدد النتائج:
  • الفصل الأول

  • الفصل الثاني

  • الفصل الثالث

  • الفصل الرابع

  • الفصل الخامس

  • الفصل السادس

  • (1)
  • (2)
  • (3)
  • (4)
  • خاتمة المطاف

  • الإنسان ، بل الفاعل الذي تصدر عنه هذه الأُمور هو النار والإنسان ، ولكن فاعلية كلّ واحد بقدرته وإفاضة الوجود.

    وبذلك يتبيّن أنّ أفعال العباد في حال كونها مخلوقة للّه ، مخلوقة للإنسان أيضاً ، فالكلّ خالق لا في عرض واحد ، بل فاعلية الثاني في طول فاعلية الأوّل. والبيتان التاليان يلخّصان هذه النظرية :

    وكيف فعلنا إلينا فوّضا

    وإنّ ذا تفويض ذاتنا اقتضى

    لكن كما الوجود منسوب لنا

    فالفعل فعل اللّه وهو فعلنا

    وبذلك يتبين أنّ الاعتراف بالمرتبة الثالثة والرابعة من القدر لا يلازم الجبر ، بشرط تفسيرهما على النحو الذي تقدّم. (١)

    * * *

    ثمّ إنّ هناك رسائل ثلاثاً تعدّ من بدايات علم الكلام في القرن الأوّل تعرب عن آراء متضاربة في استلزام القول بالعلم الإلهي السابق ، القول بالجبر وعدمه. فالأمويون على الأوّل وفي مقدّمتهم عمر بن عبد العزيز.

    وغيرهم على الثاني كالحسن البصري وأصحابه ، نذكر نصّ الرسالتين إحداهما لعمر بن عبد العزيز والأُخرى للحسن وهما يغنيان عن الرسالة الثالثة للحسن بن محمد بن الحنفية ، كما سنذكره.

    عرف الأمويون منذ عصر معاوية إلى آخر دولتهم أنّ سلطتهم على الناس لا تبقى إلاّ مع إذاعة فكرة الجبر بين الأُمّة. وقد أشرنا إلى نماذج من أقوال معاوية فيما سبق ، ونضيف في المقام ما نقله القاضي عبد الجبار عن الشيخ أبي علي الجبائي أنّه قال : إنّ أوّل من قال بالجبر وأظهره معاوية ، وإنّه أظهر أنّ ما يأتيه بقضاء اللّه ومن خلقه ، ليجعله عذراً فيما يأتيه ويوهم أنّه مصيب فيه وأنّ اللّه جعله إماماً وولاّه الأمر وفشا ذلك في ملوك بني أُميّة.

    وعلى هذا القول قتل هشام بن عبد الملك غيلان رحمه‌الله ، ثمّ نشأ بعدهم

    ____________

    ١ ـ ومن أراد التفصيل فليرجع إلى كتابنا : « مفاهيم القرآن » الجزء الأول ٢٩٩ ـ ٣٣٤.