٨ ـ ونختم هذا البحث الطويل بحديث شريف عن رسول الله صلىاللهعليهوآله يتحدّث فيه عن مفتاح الجنّة والنار ويقول : «إِنّ رَجُلاً جاءَ إِلى النَّبِيِّ فَقالَ يا رَسُولَ اللهِ ما عَمَلُ الجَنَّةِ؟ قَالَ : الصِّدقُ ، إِذا صَدَقَ العَبدُ بِرَّ وإذا بَرَّ آمَنَ ، وإذا آمَنَ دَخَلَ الجَنَّةَ قَالَ : يا رَسُولَ اللهِ وَما عَمَلُ النَّارِ؟ قَالَ : الكِذبُ ، إِذا كَذِبَ العَبدُ فَجَرَ ، وَإِذا فَجَرَ كَفَرَ ، وإِذا كَفَرَ دَخَلَ النَّارَ» (١).
والملفت للنظر أنّ هذا الحديث الشريف يعدّ الصدق منبع الخير والصلاح وبالتالي فهو منبع الإيمان أيضاً ، وما ذلك إلّا لأنّ الفاسق يتحرّك في تبرير أعماله الدنيئة من موقع الكذب والدجل والخداع ، هذا من جهة ، ومن جهة اخرى فإنّ روح الإنسان ستضعف بسبب الكذب وتدريجياً يضعف الإيمان أيضاً وبالتالي يفضي ذلك إلى الكفر والسقوط من درجة الإنسانية كما قال القرآن الكريم : «ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوءَى أَنْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُون» (٢).
٩ ـ ونقرأ في حديث آخر عن أمير المؤمنين عليهالسلام قوله «إذا أَحَبَّ اللهُ عَبدَاً أَلهَمَهُ الصِّدقَ» (٣).
١٠ ـ ونختم هذا البحث بحديث آخر عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنّه قال : «أَربَعٌ مَنْ اعطِيَهُنَّ اعطِي خَيرَ الدُّنيا وَالآخِرَةِ صِدقُ حَدِيثٍ وَأَداءُ أَمانَةٍ وَعِفَّةُ بَطنٍ وَحُسنُ الخُلقٍ» (٤).
ومن مجموع هذه الأحاديث الشريفة يمكننا أن نستوحي نكات مهمّة في دائرة هذه الصفة الأخلاقية :
إنّ الصدق هو أحد الطرق التي تتجلّى فيها شخصية الإنسان وإيمانه وبذلك يمكن اختباره من هذا السبيل.
إنّ الدعوة إلى الصدق هي أحدى البنود الأساسية لدعوة الإنبياء والمرسلين في خط
__________________
(١) ميزان الحكمة ، ج ٣ ، ص ٢٦٧٤.
(٢) سور الروم ، الآية ١٠.
(٣) غرر الحكم.
(٤) المصدر السابق.