والعضة والعضين في لغة قريش السحر. وهم يقولون للساحر عاضه ، وللساحرة عاضهة ...
وفي الحديث : لعن رسول الله صلىاللهعليهوسلم العاضهة والمستعضهة أى الساحرة والمستسحرة .. وقيل : هو من العضة ، وهي التميمة. والعضيهة : البهتان .. يقال : أعضهت يا فلان أى : جئت بالبهتان» (١).
والمعنى : ولقد آتيناك ـ أيها الرسول الكريم ـ السبع المثاني والقرآن العظيم ، مثل ما أنزلنا على طوائف أهل الكتاب المقتسمين ، أى الذين قسموا كتابهم أقساما ، فأظهروا قسما وأخفوا آخر ، والذين جعلوا ـ أيضا ـ القرآن أقساما ، فآمنوا ببعضه ، وكفروا بالبعض الآخر .. فجعله (الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ) بيان وتوضيح للمقتسمين.
ومنهم من يرى أن قوله ـ تعالى ـ (كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ ...) متعلق بقوله ـ تعالى ـ قبل ذلك ، (وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ) ، فيكون المشبه الإنذار بالعقاب المفهوم من الآية الكريمة. وأن المراد بالمقتسمين : جماعة من مشركي قريش ، قسموا أنفسهم أقساما لصرف الناس عن الإيمان بالنبي صلىاللهعليهوسلم.
والمعنى : وقل ـ أيها الرسول الكريم ـ إنى أنا النذير المبين لكم من عذاب مثل عذاب المقتسمين ...
وقد فصل الإمام الآلوسى القول عند تفسيره لهاتين الآيتين فقال ما ملخصه : قوله ـ تعالى ـ (كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ ...) متعلق بقوله ـ تعالى ـ (وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً ...) على أن يكون في موضع نصب نعتا لمصدر من آتينا محذوف أى : آتيناك سبعا من المثاني إيتاء كما أنزلنا ، وهو في معنى : أنزلنا عليك ذلك إنزالا كإنزالنا على أهل الكتاب (الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ) أى قسموه إلى حق وباطل ..
وقيل : هو متعلق بقوله ـ تعالى ـ : (وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ) .. وجوز أن يراد بالمقتسمين جماعة من قريش ... أرسلهم الوليد بن المغيرة ، أيام موسم الحج ، ليقفوا على مداخل طرق مكة ، لينفروا الناس عن الإيمان برسول الله صلىاللهعليهوسلم فانقسموا على هاتيك المداخل ، يقول بعضهم لا تغتروا بالخارج فإنه ساحر ..
__________________
(١) تفسير القرطبي ج ١٠ ص ٥٩.