• الفهرس
  • عدد النتائج:

وقوله ـ سبحانه ـ : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) شروع في بيان تفاوت أحوال بنى آدم في الآخرة ، بعد بيان حالهم في الدنيا.

ولفظ (يَوْمَ) منصوب بفعل محذوف ، أى : واذكر يوم ندعو كل أناس بإمامهم. والمراد بإمامهم هنا : كتاب أعمالهم.

وقد اختار هذا القول الإمام ابن كثير ورجحه فقال : يخبر الله ـ تعالى ـ عن يوم القيامة ، أنه يحاسب كل أمة بإمامهم ، وقد اختلفوا في ذلك. فقال مجاهد وقتادة أى : بنبيهم ، وهذا كقوله ـ تعالى ـ : (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذا جاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ) ...

وقال ابن زيد : بإمامهم أى بكتابهم الذي أنزل على نبيهم من التشريع ، واختاره ابن جرير ...

وروى العوفى عن ابن عباس في قوله : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) أى : بكتاب أعمالهم ...

وهذا القول هو الأرجح لقوله ـ تعالى ـ : (وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ) ، وقال ـ تعالى ـ : (وَوُضِعَ الْكِتابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ) ..

ويحتمل أن المراد بإمامهم : أن كل قوم بمن يأتمون به ، فأهل الإيمان ائتموا بالأنبياء ـ عليهم‌السلام ـ ، وأهل الكفر ائتموا بأئمتهم في الكفر ...

وفي الصحيحين : «لتتبع كل أمة ما كانت تعبد ، فيتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيت ...» الحديث ...

ثم قال ـ رحمه‌الله ـ ولكن المراد هاهنا بالإمام ، هو كتاب الأعمال (١).

والمعنى : واذكر ـ أيها العاقل لتعتبر وتتعظ ـ يوم ندعو كل أناس من بنى آدم الذين كرمناهم وفضلناهم على كثير من خلقنا ، بكتاب أعمالهم الذي لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها.

ثم بين ـ سبحانه ـ حسن عاقبة الذين أخلصوا دينهم لله فقال ـ تعالى ـ : (فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ ، وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً).

أى : فمن أوتى من بنى آدم يوم القيامة ، كتابه بيمينه ، بأن ثقلت موازين حسناته على سيئاته ، فأولئك السعداء يقرءون كتابهم بسرور وابتهاج ، ولا ينقصون من أجورهم قدر

__________________

(١) تفسير ابن كثير ج ٣ ص ٥٢.