• الفهرس
  • عدد النتائج:

وأعجبتكم : من الإعجاب بمعنى السرور بما يتعجب منه. وسبب هذا الإعجاب أن عدد المسلمين كان اثنا عشر ألفا ، وعدد أعدائهم كان أربعة آلاف.

وقوله : (فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً) بيان للأثر السيئ الذي أعقب الإعجاب بالكثرة ، وأن سرورهم بهذه الكثرة لم يدم طويلا ، بل تبعه الحزن والهزيمة.

وقوله : (تُغْنِ) من الغناء بمعنى النفع. تقول : ما يغنى عنك هذا الشيء ، أى : ما يجزئ عنك وما ينفعك وقوله : (وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ) بيان لشدة خوفهم وفزعهم.

قال القرطبي : والرحب ـ بضم الراء ـ السعة. تقول منه : فلان رحب الصدر.

والرحب ـ بالفتح ـ الواسع. تقول منه : بلد رحب وأرض رحبة.

وقيل : الباء بمعنى مع ، أى : وضاقت عليكم الأرض مع رحبها. وقيل بمعنى على. أى : على رحبها. وقيل المعنى برحبها فتكون «ما» مصدرية (١).

والمعنى : اذكروا ـ أيها المؤمنون ـ نعم الله عليكم ، وحافظوا عليها بالشكر وحسن الطاعة ، ومن مظاهر هذه النعم أنه ـ سبحانه ـ قد نصركم على أعدائكم مع قلتكم. في مواقف حروب كثيرة ؛ كغزوة بدر ، وغزوة بنى قينقاع والنضير ... كما نصركم. أيضا. في يوم غزوة حنين ، وهو اليوم الذي راقتكم فيه كثرتكم فاعتمدتم عليها حتى قال بعضكم : لن نغلب اليوم من قلة ...

ولكن هذه الكثرة التي أعجبتم بها لم تنفعكم شيئا من النفع في أمر العدو بل انهزمتم أمامه في أول الأمر ، وضاقت في وجوهكم الأرض مع رحابتها وسعتها بسبب شدة خوفكم ، فكنتم كما قال الشاعر :

كأن بلاد الله وهي عريضة

على الخائف المطلوب كفّة حابل (٢)

وقوله : (ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ) تذييل مؤكد لما قبله وهو شدة خوفهم.

ووليتم : من التولي بمعنى الإعراض. ومدبرين : من الإدبار بمعنى الذهاب إلى الخلف.

أى : ثم وليتم الكفار ظهوركم منهزمين لا تلوون على شيء.

وهكذا ، نرى الآية الكريمة تصور ما حدث من المؤمنين في غزوة حنين تصويرا بديعا

__________________

(١) تفسير القرطبي ج ٨ ص ١٠١.

(٢) الكفة. بالكسر. حبالة الصائد. والحابل : الذي ينصب الحبالة.