• الفهرس
  • عدد النتائج:

اللهم إلّا أن يقال : إنّ الإعانة والإبكاء قد قيد رجحانهما بالسبب المباح فلا بد من ثبوت اباحة السبب من الخارج حتى يثبت له الاستحباب بواسطة دخوله في أحد العنوانين فلا يمكن إثبات اباحة شيء وعدم تحريمه بأنّه يصير مما يعان به على البرّ والإبكاء إلّا بوجه دائر. نعم لا يبعد استفادة اباحة السبب في المقام من رواية ابن طاوس عن الصادق (عليه‌السلام) ، قال : من بلغه شيء من الخير فعمل به كان له ذلك وإن لم يكن الأمر كما بلغه (١).

ثمّ إنّ الشيخ الأعظم (قدس‌سره) استدل على ذلك بوجه آخر وهو أنّ العقل يحكم بحسن العمل مع الأمن من مضرّة الكذب على تقدير الكذب (٢).

وقد أورد المحقّق الاصفهاني (قدس‌سره) عليه بما حاصله : «أنّ المناط في الحسن والقبح والجواز والحرمة بالصدق والكذب المخبريين لا الخبريين وهو [الكذب المخبري] المعبّر عنه في لسان الشرع بالقول بغير العلم ، فما لا علم به ولا حجة عليه تندرج الحكاية عنه في الكذب القبيح عقلاً والمحرم شرعاً. ولا يختص قبح الكذب بصورة الاضرار عقلاً كما لا اختصاص له شرعاً ، وعليه فنشر الفضيلة التي لا حجة عليها وذكر المصيبة التي لا حجة عليها قبيح عقلاً ومحرّم شرعاً فكيف يعمّها أخبار من بلغ (٣)؟

أقول : يظهر من اللغويين دخالة الاعتقاد في تحقّق الكذب لتعريفه بالإخبار عن الشيء بخلاف ما هو مع العلم به ، قال في أقرب الموارد : كذب الرجل ، أخبر عن الشيء بخلاف ما هو مع العلم به ضد صدق (٤).

وقال في تاج العروس : الكذب هو الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو (٥).

__________________

(١) الوسائل : ج ١ أبواب مقدمة العبادات ، الباب ١٨ ، الحديث ٩.

(٢) مجموعة رسائل : ٢٩ ، من منشورات مكتبة المفيد.

(٣) نهاية الدراية : ٢ / ٢٢٧.

(٤) أقرب الموارد لسعيد الخوري الشرتوني اللبناني : ٢ / ١٠٧٢.

(٥) تاج العروس : ١ / ٤٥٢.