• الفهرس
  • عدد النتائج:

توهم ، وإن شئت قلت : إنّ التشريع قبيح في جميع موارده ومحرم بالأدلّة الأربعة ، وهذا بخلاف البدعة فإنّها منقسمة إلى المحمودة والمذمومة ، ولعل المراد من البدعة في حديث : «كل بدعة ضلالة» على فرض صحته سنداً ، هو التشريع المحرّم ، لا معناه اللغوي العام.

وأمّا القول بغير علم فيما يرتبط بالدين ، فهو وإن كان محرّماً بالآيات والروايات الكثيرة إلّا أنّه عنوان آخر مستقل عن عنوان التشريع.

وإن شئت قلت : القول بغير علم عنوان عام يشمل جميع ما يستند إلى الدين سواء كان في ناحية الأحكام الشرعية أو الاعتقاديات ، بل يظهر من بعضهم تعميمه إلى الحوادث التاريخية كوقائع عاشوراء أيضاً ، وأمّا التشريع فهو أمر يختص بالأحكام يرتكبه الشخص لغرض جعل الحكم.

ومما ذكرنا يظهر الخلط في كلمات بعض الأعاظم ـ قدس‌سرهم ـ حيث جعل التشريع والقول بغير العلم عنواناً واحداً واستدل على حرمة التشريع بما يدل على حرمة القول بغير العلم.

إذا علمت ذلك فقد تبيّن لك أنّه لو كان مراد القائلين بالتسامح ، الحكم باستحباب الفعل الذي بلغ فيه الثواب ، على حد سائر المستحبات التي دلّت على استحبابها أدلّة معتبرة ، فالظاهر أنّه تشريع على التعريف الثاني ، لعدم حصول العلم لنا باستحباب العمل الفلاني بمجرد وصول خبر ضعيف أو فتوى بعض الأصحاب ، فاستناده الى الشرع والحكم باستحبابه يكون إدخالاً لما لا يعلم أنّه من الدين فيه.

ومن هنا نحتمل قوياً أن يكون مقصود القائلين بالاستحباب أو الكراهة في المقام ، هو إتيان الشيء لاحتمال أن يكون فعله مطلوباً في الشرع ، أو تركه لاحتمال أن يكون تركه كذلك ، فإنّه أمر مطلوب يشهد به العقل والنقل وإلّا فالتشريع حرام بالأدلة الأربعة ، ومقام أصحابنا الأجلّة أرفع وأجلّ مما هو أدون من التشريع