• الفهرس
  • عدد النتائج:

والمراد بالزكاة في قوله (وَآتَيْتُمُ الزَّكاةَ) الزكاة المفروضة.

والمراد بالقرض الحسن في قوله (وَأَقْرَضْتُمُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً) الصدقات غير المفروضة التي يبذلها القادرون عليها في وجوه الخير المتنوعة بدون رياء أو أذى وفي التعبير بقوله : (وَأَقْرَضْتُمُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً) تأنيس للقلوب وترغيب للنفوس في البذل والعطاء ، حيث شبه ـ سبحانه ـ ما يعطى للمحتاج رغبة في الثواب بالقرض الذي سيكافئ الله ـ تعالى ـ صاحبه عليه بأضعافه من الخير والنعم.

وأضاف ـ سبحانه ـ الرسل إليه في قوله (وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي) لتشريفهم وتكريمهم وتعظيم شأن رسالاتهم وللإشارة إلى أن الايمان بهم جميعا واجب ، فمن أطاعهم فقد أطاع الله ، ومن كفر بواحد منهم كفر بالله ـ تعالى ـ.

ثم بعد أن فتح الله ـ تعالى ـ لهم باب كرمه إن أدوا ما أمرهم به حذرهم من المخالفة والعصيان فقال : (فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ) أى : فمن جحد منكم شيئا مما أمرته به فتركه ، أو أعرض عن التكاليف التي كلفته بها بعد أن عرفها فقد بعد عن السبيل المستوية ، أخطأ الطريق الواضح المستقيم ، وسار في متاهات الضلال التي لا هداية فيها ولا خير معها.

فالجملة الكريمة تهديد شديد لمن ترك الدين الحق واتجه إلى الأديان الباطلة.

قال صاحب الكشاف : فإن قلت : من كفر قبل ذلك أيضا فقد ضل سواء السبيل ، فلم قال : (فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ)؟ قلت : أجل من كفر قبل ذلك أيضا فقد ضل. ولكن الضلال بعده أظهر وأعظم : لأن الكفر إنما عظم قبحه لعظم النعمة المكفورة ، فإذا زادت النعمة زاد قبح الكفر وبلغ النهاية العظمى» (١).

وبذلك نرى الآية الكريمة قد بينت أن الله ـ تعالى ـ قد أخذ الميثاق على بنى إسرائيل بأن يقوموا بالتكليفات التي كلفهم بها ، وحذرهم من النقض والخيانة والكفر ، ورغبهم في الطاعة والإيمان فماذا كان موقفهم من عهود الله ـ تعالى ـ؟

لقد بين ـ سبحانه ـ جانبا من رذائلهم ، ومن العقوبات التي عاقبهم بها بسبب فسوقهم عن أمره فقال : (فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ ، لَعَنَّاهُمْ ، وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً ، يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ).

والفاء في قوله : (فَبِما نَقْضِهِمْ) للتفريع على ما تقدم من الحديث عنهم ، والباء للسببية

__________________

(١) تفسير الكشاف ج ١ ص ٦١٥