• الفهرس
  • عدد النتائج:

إثم كبير ، ولم يتركها بعض الناس. وقالوا : نأخذ منفعتها ونترك إثمها فنزلت هذه الآية (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى) (١) فتركها بعض الناس وقالوا : لا حاجة فيما يشغلنا عن الصلاة وشربها بعض الناس في غير أوقات الصلاة ، حتى نزلت : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ) الآية. فصارت حراما عليهم حتى صار بعضهم يقول : ما حرم الله شيئا أشد من الخمر» (٢).

وأخرج عبد بن حميد عن الربيع أنه قال : لما نزلت آية البقرة (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ) قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إن ربكم يقدم في تحريم الخمر» ، ثم نزلت آية النساء : (لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى) فقال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إن ربكم يقدم في تحريم الخمر» ، ثم نزلت آية المائدة : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ) فحرمت عند ذلك.

ولما سمع عمر قوله ـ تعالى ـ (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) قال : انتهينا يا رب (٣) ولا شك في أن تدرج القرآن في تحريم الخمر يدل دلالة واضحة على رحمة الله ـ تعالى ـ بعباده المؤمنين وتربية حكيمة حتى يقلعوا عما تعودوه بسهولة ويسر وذلك لأن شرب الخمر كان من العادات المتأصلة في النفوس ويكفى للدلالة على حب العرب لها قول أنس بن مالك : حرمت الخمر ولم يكن للعرب عيش أعجب منها. وما حرم عليهم شيء أشد عليهم من الخمر».

ولقد كان موقف الصحابة من هذا التحريم لما يحبونه ويشتهونه ، يمثل اسمى ألوان الطاعة والاستجابة لأمر الله ـ تعالى ـ فعند ما بلغهم تحريم الخمر أراقوا ما عندهم منها في الطرقات ، بل وحطموا الأوانى التي كانت توضع فيها الخمر.

أخرج البخاري عن أنس قال : كنت ساقى القوم في منزل أبى طلحة ، وكان خمرهم يومئذ الفضيخ ـ أى : نقيع البسر فأمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مناديا ينادى «ألا إن الخمر قد حرمت».

قال : فقال لي أبو طلحة : اخرج فأهرقها. قال : فخرجت فهرقتها فجرت في سكك المدينة (٤) وأخرج ابن جرير عن قتادة عن أنس بن مالك قال : بينما أنا أدير الكأس على أبى طلحة ، وأبى عبيدة بن الجراح ، ومعاذ بن جبل وسهيل بن بيضاء وأبى دجانة حتى مالت رءوسهم من

__________________

(١) سورة النساء الآية ٤٣

(٢) تفسير القرطبي ج ٦ ص ٢٨٦

(٣) تفسير الآلوسى ج ٧ ص ١٧

(٤) البخاري في باب : صب الخمر من كتاب «المظالم والغضب» ج ٣ ص ١٧٣.