• الفهرس
  • عدد النتائج:

المولى باعتبار أنّ عنده ملاكان ، أحدهما مفسدة الخمر ، والآخر مصلحة إطلاق العنان في الخل أو لحم الطير مثلا ، وبما أنّه لم يصل ذلك إلى المكلّف ، حينئذ ، إمّا أن يحكم عليه حكما طريقيا بوجوب الاحتياط فيهما معا ، تحفظا على مفسدة الخمر ، وبهذا تفوت المصلحة الموجودة في الخل أو لحم الطير ، وإمّا أن يعكس المطلب ، وحينئذ ، يقع في مفسدة الخمر أو لحم الأرنب مثلا ، وأيّهما جعل ، فهو حكم طريقي ، لأنّ هذا الحكم لم ينشأ في صورة جعل الحرمة من مفسدة في الاثنين ، بل من مفسدة في الخمر ، لكن حفاظا على عدم الوقوع فيها يجعل تلك الأحكام ، ومن هنا قلنا : إنّ هذه الأحكام تنشأ من متعلقات ملاكات تلك الأحكام الواقعية النفسية ، وكذا الحال لو جعل الحلية للإثنين معا ، فإنّ هذا حكم طريقي لم ينشأ من مصالح في الموردين ، بل حفاظا على مصلحة الخل أو لحم الطير ، ومن هنا فالأحكام الطريقية ناشئة من ملاكات في متعلقات تلك الأحكام النفسية ، ويترتب عليها أنّها إنّما تتميّز وتعذر عن الأحكام النفسية ، وأمّا بنفسها فلا تميّز لها ولا تعذير ، فوجوب الاحتياط مثلا منجز للأحكام الواقعية المشكوكة.

وبمثل هذا البيان دفعنا التضاد بين الأحكام الواقعية والأحكام الظّاهرية في عالم المبادئ ، إذ يتضح من هذا انّ مبادئ الحكم الظاهري هي عين مبادئ الحكم الواقعي النفسي ، لا ملاكات ومبادئ أخرى يقع التضاد بينهما ، وبمثل هذا جمعنا بين الأحكام الواقعية والأحكام الظاهرية ، وبمثل هذا صوّرنا وجوب الاحتياط والبراءة وأمثالها.

وهذا البيان لا يأتي في محل الكلام ، لأنّه في محل الكلام لو فرض أنّ المكلّف كان قاطعا بأحكام ترخيصية ، والمولى يريد أن يجعل ما يشبه وجوب الاحتياط عليه أو بالعكس ، وكلاهما غير ممكن ، لأنّ