• الفهرس
  • عدد النتائج:

كان والله غزير الدمعة طويل الفكرة يقلب كفه ويخاطب نفسه يعجبه من اللباس ما قصر ومن الطعام ما جشب.

كان والله معنا كأحدنا يدنينا إذا أتيناه ويجيبنا إذا سألناه وكان مع دنوه لنا وقربه منا لا نكلمه هيبة له.

فإن تبسم فعن مثل اللؤلؤ النظيم يعظم أهل الدين ويحب المساكين لا يطمع القوي في باطلة ولا ييأس الضعيف من عدله.

أشهد بالله لرأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سدوله وغارت نجومه متماثلا في محرابه قابضا على لحيته يتململ تململ السليم (١) ويبكي بكاء الحزين وكأني أسمعه وهو يقول يا دنيا يا دنيا أبي تعرضت أم إلي تشوفت هيهات هيهات غري غيري لا حان حينك قد أبنتك ثلاثا عمرك قصير وخيرك حقير وخطرك كبير آه آه من قلة الزاد وبعد السفر ووحشة الطريق.

فوكفت دموع معاوية على لحيته وجعل يستقبلها بكمه واختنق القوم جميعا بالبكاء وقال هكذا كان أبو الحسن يرحمه‌الله فكيف وجدك عليه يا ضرار؟

فقال وجد أم واحد ذبح واحدها في حجرها فهي لا يرقى دمعها ولا يسكن حزنها (٢)

فقال معاوية لكن هؤلاء لو فقدوني لما قالوا ولا وجدوا بي شيئا من هذا.

__________________

(١) السليم هو الملسوع من حية أو عقرب.

(٢) خبر ضرار مستفيض ، وقد عرض له في الاستيعاب ج ٣ صلى الله عليه وسلم ٤٣ من المطبوع بهامش (الإصابة) بمصر سنة ١٩٣٩ م ـ ١٣٥٨ ه والقيروانيّ في زهر الآداب المطبوع بهامش العقد الفريد م ١ صلى الله عليه وسلم ٤٧ ـ ٤٨ ، والسبط في التذكرة ، صلى الله عليه وسلم ١١٩ ، والمسعودي في مروج الذهب ج ٢ صلى الله عليه وسلم ٤٣٣ ، وابن حجر في الصواعق صلى الله عليه وسلم ١٣٩ ـ ١٤٠ والقالي في الأمالي ١٤٣ ـ ١٤٤ ، والبيهقيّ في المحاسن والمساوئ ج ٢ صلى الله عليه وسلم ٧٢ ـ ٧٣ وغيرها. انظر كتابنا (مصادر نهج البلاغة) صلى الله عليه وسلم ٢٦٤ ـ ٢٦٥.