أن يقول يا : (فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ عالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبادِكَ فِي ما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) ـ ٤٦ ـ (وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا) يعنى لمشركي مكة يوم القيامة (ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ) يعنى من شدة (الْعَذابِ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَبَدا لَهُمْ) يعنى وظهر لهم حين بعثوا (مِنَ اللهِ ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ) ـ ٤٧ ـ فى الدنيا أنه نازل بهم فى الآخرة (وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا) يعنى وظهر لهم حين بعثوا فى الآخرة الشرك الذي كانوا عليه حين شهدت عليهم الجوارح بالشرك لقولهم ذلك فى سورة الأنعام (... وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ) (١) (وَحاقَ بِهِمْ) يعنى وجب لهم العذاب بتكذيبهم واستهزائهم بالعذاب أنه غير كائن ، فذلك قوله : (ما كانُوا

__________________

بعض كتاب السيرة وبعض المفسرين المسلمين ولذلك لم يتردد ابن إسحاق حين سئل عنه فى أن قال : إنه من وضع الزنادقة.

وقد ساق الأستاذ هيكل عددا من الحجج على فساد قصة الغرانيق منها : أولا : أن سياق سورة النجم يأباها لأن الله ذم هذه الأصنام بعد ذلك وقال : (إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ ...) سورة النجم : ٢٣.

فكيف يمدح الله اللات والعزى ويذمها فى آيات متعاقبة.

ثانيا : أن النبي لم يجرب عليه الكذب قط حتى سمى الصادق الأمين وكان صدقه أمرا مسلما به للناس جميعا ، وما كان النبي ليذر الكذب على الناس ويكذب على الله.

ثالثا : أن قصة الغرانيق تناقض أصل التوحيد ووحدانية الإله وهي المسألة التي نادى بها الإسلام فى مكة والمدينة ولم يقبل فيها النبي هوادة ، ولا أماله عنها ما عرضت قريش عليه من المال والملك. رابعا : أن قال الإمام محمد عبده من أن العرب لم تصف آلهتها بالغرانيق ولم يرد ذلك فى نظمهم ولا فى خطبهم ، ولا عرف عنهم فى أحاديثهم.

لا أصل إذا لمسألة الغرانيق على الإطلاق ، ولم يبق إلا أن تكون من وضع الزنادقة افتراء منهم على الإسلام ونبى الإسلام.

انظر «حياة محمد» لهيكل الفصل السادس «قصة الغرانيق» : ١٦٠ ـ ١٦٧.

(١) سورة الأنعام : ٢٣.