• الفهرس
  • عدد النتائج:

الثالث : انّ الإقسام إنّما تكون بما يعظمه المقسم أو يُجلُّه وهو فوقه والله تعالى ليس شيء فوقه ، فأقسم تارة بنفسه وتارة بمصنوعاته ، لأنّها تدل على بارئ وصانع.

وقال ابن أبي الاصبع في « اسرار الفواتح » : القسم بالمصنوعات يستلزم القسم بالصانع ، لأنّ ذكر المفعول يستلزم ذكر الفاعل ، إذ يستحيل وجود مفعول بغير فاعل.

وأخرج ابن أبي حاتم ، عن الحسن ، قال : إنّ الله يقسم بما شاء من خلقه ، وليس لأحد أن يقسم إلاّ بالله (١).

ولا يخفى ضعف الأجوبة.

أمّا الأوّل : فانّ معنى ذلك إرجاع الأقسام المختلفة إلى قسم واحد وهو الرب ، مع أنّه سبحانه تارة يقسم بنفسه ، ويقول : ( فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ) (٢) ، وأُخرى بالتين والزيتون والصافات والشمس ، فلو كان الهدف القسم بالرب فما فائدة هذا النوع من الأقسام حيث يضيف نفسه إلى واحد من مخلوقاته ؟ فانّ العظمة لله لا للمضاف إليه ، ولو كانت له عظمة فإنّما هي مقتبسة من الرب.

وأمّا الثاني : فمعنى ذلك أنّه سبحانه جرىٰ على ما كان عليه العرب في العصر الجاهلي ، وقد هدم بعمله ما شرعه من النهي عن القسم بغير الله.

وأمّا الثالث : فيكتنفه كثير من الغموض ، ولا يعلم كيفية رفع الإشكال ، وأمّا ما نقله عن ابن أبي الاصبع فيرجع إلى المعنى الأوّل ، وهو أنّ القسم بالمخلوق قسم بالخالق.

__________________

(١) الإتقان : ٤ / ٤٧.

(٢) مريم : ٦٨.