يموت أهلها في الصيف حرقا ، وفي الشتاء غرقا. الميت فيها مطروح لا يجد من يحمله ، والمسكين بها ما يصيب أحدا يصدّق عليه. والغريب فيها مسلور والغرب بها أهل (١) شيوخها (٢) يتصافعون وشبابها يتناهدون. وصبيانها يؤاجرون. ونساؤها يزنون ويساحقون. البغاء منهم غير منكر ، والقرون من رجالهم لا تستر. وهم مع هذا يتامى أمير المؤمنين. وقد قال فيهم الشاعر :
أذمّ بغداد والمقام بها |
| من بعد خبرة وتجريب |
ما عند أملاكها لمختبط |
| خير ولا فرجة لمكروب |
يحتاج باغي النوال عندهم |
| إلى ثلاث من بعد تثريب |
كنوز قارون أن تكون له |
| وعمر نوح وصبر أيوب |
[٧٠ ب]
قوم مواعيدهم مزخرفة |
| بزخرف القول والأكاذيب |
خلّوا سبيل العلى لغيرهم |
| ونافسوا في الفسوق والحوب |
وقال آخر :
أقمت ببغداد مذ أشهر |
| وكنت ببغداد ذا غيرة |
فما إن قطعت بها شعرة |
| وما ان فتتّ بها بعرة (؟) |
وما ان ترفّق لي حاجة |
| كأني وطيت على نشرة |
وعاندني الخير مذ جئتها |
| معاندة الضرّة للضرّة |
وإني بها عاشق درهما |
| ومن لي يا صاح بالزهرة |
فعجبي بسيري إلى بلدتي |
| كعجب الطفيلي بالسفرة |
ولو كنت ممّن يجيد الغناء |
| لأحرزت مذ جئتها بدرة (؟) |
__________________
(١) الجملة غامضة.
(٢) في الأصل : شيوخنا.