• الفهرس
  • عدد النتائج:

وهو يقول في نفسه : والله لأنطلقنّ مع عليّ فإن كان القوم قد عبروا لأكوننّ من أشدّ الناس على عليّ (عليه‌السلام) ، فلمّا انتهى إلى النهروان أصابوا القوم قد كسروا جفون سيوفهم ، وعرقبوا دوابّهم ، وجثوا على ركبهم وحكّموا بحكم رجل واحد ، واستقبلوا عليّا بصدور الرّماح ، فقال عليّ (عليه‌السلام) : حكم الله أنتظر فيكم ، فنزل إليه الشّابّ فقال : يا أمير المؤمنين إنّي قد كنت شككت في قتال القوم فاغفر ذلك لي ، فقال عليّ بل يغفر الله الذّنوب فاستغفره.

ثمّ نادى عليّ عليه‌السلام قنبر فقال : يا قنبر ناد القوم ما نقمتم على أمير المؤمنين؟ ألم يعدل في قسمتكم ، ويقسط في حكمكم ، ويرحم مسترحمكم؟ لم يتّخذ مالكم دولا ، ولم يأخذ منكم إلّا السّهمين اللّذين جعلهما الله : سهما في الخاصّة وسهما في العامّة ، فقالت الخوارج : يا قنبر إنّ مولاك رجل جدل ، ورجل خصم ، وقد قال الله تعالى : (بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ) وهو منهم ، وقد ردّنا بكلامه الحلو في غير موطن ، وجعلوا يقولون : والله لا نرجع حتّى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين.

قال عليّ عليه‌السلام : يا بن عبّاس انهض إلى القوم فادعهم بمثل الّذي دعاهم به قنبر ، فإنّي أرجو أن يجيبوك ، فقال ابن عبّاس : يا أمير المؤمنين ألقي عليّ حلّتي ، وألبس عليّ سلاحي؟ فإنّي أخافهم على نفسي ، قال : بلى فانهض إليهم في حلّتك ، فمن أيّ يوميك من الموت تفرّ؟ يوم لم يقدر أو يوم قد قدر؟

قال : فنهض ابن عبّاس إليهم ، وناداهم بمثل الّذي أمره به ، فقالت طائفة : والله لا نجيبه حتّى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين.

وقال أصحاب الحجج في أنفسهم منهم : والله لنجيبنّه ولنخصمنّه ولنكفّرنّه وصاحبه لا ينكر ذلك.

فقالوا : ننقم عليه خصالا كلّها موبقة مكفرة ، أمّا أوّلهنّ : فإنّه محا اسمه «من أمير المؤمنين» حيث كتب إلى معاوية ، فإن لم يكن أمير المؤمنين فإنّه أمير الكافرين ، لأنّه ليس بينهما منزلة ، ونحن مؤمنون وليس نرضى أن يكون علينا أميرا. ونقمنا عليه أن قسم علينا يوم البصرة ما حوى العسكر ، وقد سفك الدّماء ومنعنا النّساء والذّراري ، فلعمري إن كان حلّ هذا فما حرّم هذا. ونقمنا عليه