• الفهرس
  • عدد النتائج:

سنة لم يكن شيئا مذكورا لا في السماء ولا في الأرض إذ كان جسدا من طين ملقى على الأرض قبل أن تجري فيه الروح. وفي العياشي أن زرارة سأل أبا جعفر عليه‌السلام عن قوله : (لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً) ، قال : كان شيئا ولم يكن مذكورا ، وعن حمران بن أعين قال : سألت عنه فقال : كان شيئا مقدورا ولم يكن مكوّنا. وفي هذا دلالة على أن المعدوم معلوم عنده سبحانه وإن لم يكن مذكورا ، وأن المعدوم يسمى شيئا أيضا. وقد يقصد بالإنسان الجنس ، وأنه قبل الولادة لا يعرف ولا يذكر ولا يعلم من هو ولا ما يراد به (إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ) أي خلقنا بني آدم (ع) جميعا من قطرة ماء من الرجل والمرأة تنعقد فيخلق منها الولد الذي هو في الأصل (أَمْشاجٍ) أي أخلاط من الماءين تمتزج في الرحم فأيهما علا صاحبه كان الشّبه له. وقيل : أمشاج تعني الأطوار طورا بعد طور من نطفة إلى علقة فمضغة إلخ ..

وقيل : الأمشاج : هي العروق التي في النطفة ، وقيل : هي الأخلاط من الطبائع التي تكون في الإنسان من حرارة وبرودة ورطوبة ويبوسة وغيرها ، أوجدها الله تعالى في النطفة ثم أظهرها في بنية الإنسان بعد أن خلقه وشقّ سمعه وبصره فتبارك الله أحسن الخالقين على هذه القدرة الربّانية ، فقد ذكر ذلك وقال (نَبْتَلِيهِ) نختبره بالتكليف ليختار إمّا الطاعة وإمّا المعصية (فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً) من أجل أن نبتليه ومن أجل ان يكون قادرا على حسن الاختيار لنفسه ، فقد أعطيناه الآلات التي تمكّنه من التمييز ، ثم ذكر منها السمع والبصر وليكنّي عن جميع طاقاته الكامنة فيه من قدرة وإرادة وعقل وغيره ... (إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ) أي نصبنا له الأدلة وأزحنا العلة إذ جعلناه مميزا للحسن من القبيح وأرشدناه إلى طريق الحق ومكّنّاه من معرفة الخير من الشر فيكون (إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً) أي مختارا للإيمان والشكر ، أو مكتفيا بالإنكار والكفر ، وأيّ الأمرين اختار جازاه الله تعالى عليه بعدله ، وهذا كقوله جلّ وعلا : (فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ ،