• الفهرس
  • عدد النتائج:

٢٨ ـ (قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ ...) قرآنا حال مؤكّدة لهذا من قبيل : جاءني زيد رجلا صالحا أو إنسانا عاقلا و (غَيْرَ ذِي عِوَجٍ) ليس فيه اختلاف وانحراف عن الحقّ ، بل هو طريق موصل إلى الحق والحقيقة (لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) لكون هذا القرآن على صفة الاستقامة والموصليّة إلى الحق بلا اعوجاج فيه ولا ميل عن الحق إلى الباطل لأن يجتنبوا الكفر والطغيان ويأتوا بما فيه إرضاء الله تعالى وطاعته. ثم يأتي سبحانه بمثل لعبدة الأصنام وأهل التوحيد فيقول عزّ من قائل :

٢٩ ـ (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكاءُ ...) هذا مثل جاء به سبحانه للمشركين الذين يعبدون الآلهة المتعدّدة ، فحالهم كحال رجل قد اشترك فيه (شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ) أي موال كثيرون وهم شركاء في ملكيّته وبينهم تنازع واختلاف كثير يتجاذبونه ويتداولونه في مهامّهم المختلفة ، فهذا المولى يأمره والآخر ينهاه والرجل متحيّر في أمره ، وإذا احتاج العبد لأمر من أموره فكلّ واحد يردّه إلى الآخر فهو لا يعرف أيّهم أولى بأن يطلب رضاه ، وأيّهم أولى بأن يقوم بحوائجه حتى يأتي إليه ويطلبها منه ، فهو لهذا السّبب في عذاب دائم ما دامت حياته ، وفي تعب شديد. والشكس سوء الخلق والتّباغض. وكذلك المشرك متحيّر في الآلهة فأيّهم أولى بأن يعتكف بخدمته ويقيم بعبادته وطاعته وأيّهم أولى بأن يعتمد بربوبيته ويعتقد بآلهيته ومن أيّهم يطلب إنجاح طلبته وقضاء حاجته ولأيّ منهم يتوجه ، فلا يرى أثرا من نجح طلبه فيتصوّر أنه قصّر في الخدمة ولذا لا يعتنى به فلا زال متحيّرا في أمر رزقه ومعاده ومعاشه ، بخلاف الموحّد (وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ) أي خالصا له ويخدمه على سبيل الإخلاص ، وذلك المخدوم يعينه على مهمّاته الدنيويّة والأخروية بلا أيّ مسامحة في أموره ، فالعبد يخدم مولاه ودائما يكون في طاعته وهذا مثل للموحّد. أمّا هذا المثل فضربه الله في قبح الشّرك وحسن التوحيد. ثم قال سبحانه : (هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً) أي لا