• الفهرس
  • عدد النتائج:

فيقول الله تعالى ردّا عليهم : (بَلْ) أي ليس الأمر كما يزعمون من كون القرآن مختلقا ومخترعا من عنده و (هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي) وشاكّون في إن القرآن كتابي أنا أنزلته عليه. ومنشأ الشكّ هو ترك النظر والتدبّر فيه حسدا وعنادا (بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ) أي لا يذهب الشك بالدّلائل والحجج عنهم إلّا حين يذوقون عذابي لهم في النار ، فحينئذ يصدّقون أن ما جاء به نبيّنا كان حقّا وكان من عندنا لا من عنده.

٩ و ١٠ ـ (أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ؟ ...) هذه تتمّة الجواب عن شبهتهم بقولهم (أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنا) فقال سبحانه : أبأيديهم مفاتيح النبوّة والرّسالة التي هي من جملة محتويات الخزائن عندهم ، فيضعونها حيث شاؤوا من صناديدهم؟ يعني ليست خزائن الرّحمة باختيارهم ، وهي التي منها النبوّة والرّسالة ، حتى يكون لهم تعيين النبيّ والرّسول في من أرادوه. ولكنّها بيد (الْعَزِيزِ) الغالب (الْوَهَّابِ) الذي يعطى ما يشاء لمن يشاء فيخصّ بالنبوّة من شاء من خلقه وحسب اقتضاء المصلحة. ولما ذكر في الآية الأولى قوله (أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ) وذكر الخزائن على عمومها وهي غير متناهية ، أردف ذلك بذكر ملك السماوات والأرض. ومعناه أن ملك السّماوات والأرض أحد أنواع خزائن الله. ومن المعلوم أنهم غير قادرين على تملّك السّماوات والأرض والسّلطة عليهما ، فكيف يتصرّفون في أمور ربّانيّة وتدابير إلهيّة تختصّ بذاته المقدّسة كإعطاء منصب النبوّة والرسالة من له الأهليّة والقابليّة على حسب ما اقتضته المصلحة. أمّا إذا زعموا أن لهم مدخلا في ذلك وهو جزء يسير من خزائنه (فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبابِ) إن كانوا صادقين فيما زعموا فليصعدوا في المعارج التي يتوصّل بها إلى العرش حتى يستووا عليه ويأخذوا بتدبير أمر العالم فينزلوا الوحي على من يستصوبون ، وهذا الكلام في غاية التهكّم عليهم. ويحتمل أن يكون المراد بالأسباب : السماوات ، لأنها