• الفهرس
  • عدد النتائج:

في جهة واحدة ، وهذا حمق لا يبلغه إلا الموسوس ومكابرة للعيان لا يرضاها لنفسه سالم البنية ، وإن قالوا بل الملاقي منه للمشرق هو غير الملاقي منه للمغرب وأن السماء والأرض منه في جهتين متقابلتين فوق وأسفل صدقوا ، وهكذا جهة الجنوب والشمال ، فإذ ذلك كذلك بلا شك فقد صح أنه ذو جهات ستة متغايرة ، وهذا إقرار منهم بأنه ذو أجزاء إذ قطعوا بأن الملاقي منه للمغرب غير الملاقي منه للمشرق ، و «من» للتبعيض ، وبطل قولهم من قرب والحمد لله رب العالمين.

قال أبو محمد : فإن أرادوا إلزامنا مثل هذا في العرض قلنا ليس للعرض جهة ، ولا له مكان ، ولا يقوم بنفسه ، ولا يحاذي شيئا ، وإنما يحاذي الأشياء حامل العرض لا العرض ، إذ لو ارتفع العرض لبقي حامله مالئا لمكانه كما كان محاذيا من جميع جهاته ما كان يحاذي حين حمله للعرض سواء سواء ، ولو ارتفع في قولكم الجزء الذي لا يتجزأ لبقي مكانه خاليا منه ، وقد أوضحنا أن عرضين وأعراضا تكون في جسم واحد في جهة منه واحدة وهم لا يختلفون في أن جزءين كل واحد منهما لا يتجزأ فلا يمكن البتة أن يكونا جميعا في مكان واحد منهما ، بل لكل واحد منهما عندهم مكانا غير مكان الآخر.

وبرهان آخر :

وهو أنهم يقولون : إن الجزء الذي لا يتجزأ لا طول له ولا عرض ولا عمق ، فنقول لهم وبالله تعالى التوفيق : إذا أضفتم إلى الجزء الذي لا يتجزأ عندكم جزءا آخر مثله لا يتجزأ أليس قد حدث لهما طول؟ فلا بدّ من قولهم : نعم ، لا يختلفون في ذلك. ولو أنهم قالوا لا يحدث لهما طول للزمهم مثل ذلك في إضافة جزء ثالث ورابع وأكثر حتى يقولوا إن الأجسام العظام لا طول لها ويحصلوا في مكابرة العيان ، فنقول لهم : إذا قلتم إن جزءا لا يتجزأ لا طول له إذا ضمّ إليه جزء آخر لا يتجزأ ولا طول له فأيهما حدث له طول؟ فقولوا لنا هل يخلو هذا الطول الحادث عندكم من أحد ثلاثة أوجه لا رابع لها : إما أن يكون هذا الطول لأحدهما دون الآخر ، أو لا لواحد منهما ، أو لكليهما ، فإن قلتم ليس هذا الطول لهما ، ولا لواحد منهما ، فقد أوجبتم طولا لا لطويل ، وطولا قائما بنفسه ، والطول عرض والعرض لا يقوم بنفسه ، وصفة الصفة لا يمكن أن توجد إلا في موصوف بها ووجود طول لا لطويل مكابرة ومحال.

وإن قلتم إن ذلك الطويل هو لأحد الجزءين دون الآخر ، فقد أحلتم ، وأتيتم بما ، لا شك بالحس وضرورة العقل في بطلانه ، ولزمكم أن الجزء الذي لا يتجزأ له طول ، وإذا