• الفهرس
  • عدد النتائج:

حيث ما كان من قرطاس أو في شيء منقوش فيه أو مذكور بالألسنة ، ومن لم يجل اسم الله عزوجل كذلك ولا أكرمه فهو كافر بلا شك. فالآية على ظاهرها دون تأويل فبطل تعلقهم بها جملة ولله تعالى الحمد ، وكل شيء نص الله تعالى عليه أنه تبارك فذلك حق له ، ولو نص تعالى بذلك على أي شيء كان من خلقه كان ذلك واجبا لذلك الشيء. وأما قوله تعالى : (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) فهو أيضا على ظاهره دون تأويل لأن التسبيح في اللغة التي بها أنزل القرآن وبها خاطبنا الله عزوجل إنما هو تنزيه الشيء عن السوء ، وبلا شك أن الله تعالى أمرنا أن ننزه اسمه الذي هو كلمة مجموعة من حروف الهجاء عن كل سوء ، حيث كان ، من كتاب أو منطوقا به. ووجه آخر أن معنى قوله تعالى : (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) ومعنى قوله تعالى : (إِنَّ هذا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) [سورة الواقعة : ٧٤] معنى واحد وهو أن يسبح الله تعالى باسمه إذ لا سبيل إلى تسبيحه تعالى ولا إلى دعائه ولا إلى ذكره إلا بتوسط اسمه ، فكلا الوجهين صحيح حق وتسبيح الله تعالى وتسبيح اسمه كل ذلك واجب بالنص ، ولا فرق بين قوله تعالى : (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) وبين قوله : (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبارَ النُّجُومِ) [سورة الطور : ٤٨ ، ٤٩].

والحمد بلا شك غير الله تعالى وهو تعالى يسبح بحمده ، كما يسبح باسمه ولا فرق ، فبطل تعلقهم بهذه الآية والحمد لله رب العالمين.

قال أبو محمد : أما قوله تعالى : (ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْماءً سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ) [سورة يوسف : ٤٠].

فقول الله عزوجل حق على ظاهره ولهذه الآية وجهان كلاهما صحيح ، أحدهما : أن معنى قول عزوجل : (ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْماءً). أي إلا أصحاب أسماء ، برهان هذا قوله تعالى إثر ذلك متصلا بها : (سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ) فصح يقينا أنه تعالى لم يعن بالأسماء هاهنا ذوات المعبودين لأن العابدين لها لم يحدثوا قط ذوات المعبودين ، بل الله تعالى توحّد بإحداثها. هذا ما لا شك فيه. والوجه الثاني : أن أولئك الكفار إنما كانوا يعبدون أوثانا من حجارة أو بعض المعادن أو من خشب ، وبيقين ندري أنهم قبل أن يسموا تلك الجمل من الحجارة ومن المعادن ومن الخشب باسم اللات والعزّى ومناة ، وهبل ، وودّ وسواع ويغوث ويعوق ونسرا وبعل ، قد كانت ذواتها بلا شك موجودات قائمة وهم لا يعبدونها ولا تستحق عندهم عبادة فلما أوقعوا عليها هذه الأسماء عبدوها حينئذ ، فصح يقينا أنهم لم يقصدوا بالعبادة إلا أسماء كما قال الله عزوجل لا الذوات المسميات.