• الفهرس
  • عدد النتائج:

ومثبتوه أثبتوا التعليل ، فاعتبروا القياس إعمالا للنصوص.

وقال أيضا : وفي الحق أنّ نفاة القياس قد أخطئوا إذ تركوا تعليل النصوص ، فقد أدّاهم إهمالهم إلى أن قرّروا أحكاما تنفيها بداهة العقول ، فقد قرّروا أنّ بول الآدمي نجس للنصّ عليه ، وبول الخنزير طاهر لعدم النص ، وأنّ لعاب الكلب نجس ، وبوله طاهر ، ولو اتّجهوا إلى قليل من الفهم لفقه النص ما وقعوا في مناقضة البديهيات على ذلك النحو. (١)

أقول : ما ذكره من أنّ نفاة القياس تركوا تعليل النصوص ، كلام مجمل.

فإن أراد الموضع الّذي كان الحكم معلّلا في نفس النصّ ودلّ الدليل أو القرائن المفيدة للعلم ، بأنّه علّة تامة للحكم وليس بحكمة ، فيعمل به نفاة القياس ، إذ لا يرونه من أقسام القياس ، بل عملا بالنص ، إذ ليس هناك أصل ولا فرع ، بل الجميع داخل تحت التعليل مرة واحدة ، فإذا قال : علّة حرمة الخمر هي الإسكار ، فالنبيذ والخمر وغيرهما من المسكرات داخلة تحت التعليل على نسق واحد دون أن يكون هناك أصل وفرع.

وإن أراد الموضع الّذي ورد النص على الحكم ولم يشتمل على التعليل وإنّما توصّل المجتهد بجهده وكدّه إلى العلة ومع ذلك لا يعلم أنّها علّة الحكم أو حكمته ، وعلى فرض أنّها علّة هل هي علة تامة أو علة ناقصة؟ فلو أراد هذا فنفاة القياس ما تركوا النص في مورده ، وإنّما تركوه فيما ليس موردا له.

__________________

(١) أصول الفقه : ٢١٢.