وأجيب (١) بأنّ عود الضمير إليه تعالى مؤكّد لهذا الغرض أيضا ، لأنّه لمّا حثّ على الرجوع إلى أقوال الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم حذّر عن مخالفة أمر الله تعالى ، فكان مؤكّدا للحثّ على المتابعة.
سلّمنا (٢) ، لكن لم قلت : إنّ عدم الإتيان بمثل فعله مخالفة لفعله؟
لا يقال : المخالفة ضدّ الموافقة ، لكنّ موافقة فعل الغير أن يفعل مثل فعله ، فمخالفته أن لا يفعل مثل فعله ، وهو يصدق مع فعل الضدّ وعدم الفعل.
ولأنّ المعقول من المختلفين هما اللّذان لا يقوم أحدهما مقام الآخر ، وهو متحقّق في الوجود والعدم ، فإنّه لا يقوم أحدهما مقام الآخر البتّة.
لأنّا نقول : إنّها في الأصل وإن كانت كذلك ، لكنّها في عرف الشرع ليست كذلك ، ولهذا لا يسمّى إخلال الحائض بالصّلاة مخالفة للمسلمين ، بل هي عبارة عن عدم الإتيان بمثل فعله ، إذا كان الإتيان به واجبا.
وعلى هذا لا يسمّى ترك مثل فعل الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم مخالفة إلّا إذا دلّ فعله على الوجوب ، وإذا بيّنّا ذلك بهذا ، لزم الدور (٣).
وفيه نظر ، فإنّه ليس من شرط المخالفة وجوب الفعل ، ولهذا يصدق في المندوب ، بل وفي جميع الأحكام.
__________________
(١) المجيب هو الرازي في محصوله : ١ / ٥٠٦.
(٢) أي سلّمنا عود الضمير إلى الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم.
(٣) الاستدلال للرازي في محصوله : ١ / ٥٠٦ ـ ٥٠٧.