واقتضاؤه لوجوب تأخير البيان نقوله به. (١)
وفيه نظر ، فإنّا ما منعنا من كونها للتراخي ، بل قلنا إنّها قد ترد بمعنى الواو لما بين الجمع المطلق ، وموصوفا بالتراخي من التلازم ، فجاز أن يكون الجمع هو المراد ، والدليل إنّما يتمّ لو سلم عن جميع الاحتمالات.
ولا يجوز أن يكون المراد في قوله : (ثُمَّ اللهُ شَهِيدٌ)(٢)(ثُمَّ آتَيْنا)(٣) التراخي في الحكم ، لأنّه بيّنه تعالى ، فلا يتأخّر عمّا تقدّم خصوصا عندهم ، حيث قالوا بقدم الكلام.
وكما أنّ حمل البيان على الإظهار بالتنزيل ، يستلزم الأمر بالاتّباع قبل نزوله (٤) وهو محال ، كذا حمله على بيان المجمل وغيره يستلزم الأمر بالاتّباع قبل معرفته ، وهو محال ، فلا بدّ من التأويل عندنا وعندكم.
ويمنع صدق اسم القرآن على البعض حقيقة عرفيّة ، ولهذا يقال : كلّ القرآن وبعضه.
والحنث بمسّ البعض ، لأنّه المتعارف في المسّ ، حيث يقال : مسّ الثوب ، وإن لم يمسّ جملته.
وكون إطلاقه على البعض أولى من إطلاق البيان على الإظهار بالتنزيل ، للاستلزام في الأوّل دون الثاني.
__________________
(١) الكلام للرازي في محصوله : ١ / ٤٨١.
(٢) يونس : ٤٦.
(٣) الأنعام : ١٥٤.
(٤) في «ج» : قبل معرفته.