• الفهرس
  • عدد النتائج:

لا يقال : يخرج من حدّ المجاز المستعار ، لأنّ قولنا في الاستعارة : رأيت أسدا إنّما يحصل التعظيم لا باعتبار إعادة الاسم خاصّة ، وإلّا لحصل التّعظيم لو جعلنا الأسد علما عليه ، بل إنّما يحصل باعتبار تقدير ذلك الشخص في نفسه أسدا ، لبلوغه في الشّجاعة الخاصّة بالأسد إلى غايتها ، فلمّا تصوّرنا فيه أنّه أسد ، وقدّرنا ذلك فيه أطلقنا عليه اسم الأسد ، وحينئذ لا يكون اسم الأسد مستعملا في غير موضوعه الأصليّ.

لأنّا نقول : يكفي في التعظيم تقدير حصول قوّة مساوية لقوّة الأسد ، فيكون استعمال لفظ الأسد فيه مجازا.

والتحقيق أنّ هنا أمورا ثلاثة : لفظ ، ووضع ، واستعمال ، ويمكن إطلاق الحقيقة على كلّ واحد منها ، لأنّها مأخوذة إمّا من الثابت ، أو المثبت على ما بيّناه.

فإن أطلقناها على اللّفظ صارت الحقيقة لفظ ثابت أو مثبت ، ونريد به ثبوته في معناه الّذي وضع له ، ويكون حدّها على هذا ، اللّفظ المستعمل فيما وضع له في اللّغة الّتي وقع التخاطب بها.

وإن أطلقناها على الوضع ، صار الوضع ثابتا أو مثبتا ، بمعنى أنّه لم يتغيّر اللّفظ عن وضعه عند استعماله.

وإن أريد الثالث كان الاستعمال ثابتا أو مثبتا ، أي استعمال اللفظ في معناه الموضوع له في اللغة المصطلح عليها ، ويكون حدّها على التقديرين الأخيرين ذلك.

والفرق بينه وبين الأوّل : أنّ الأوّل يرجع إلى اللفظ ، والثاني إلى استعماله.