• الفهرس
  • عدد النتائج:
  • باب ما الاستطاعة
  • كتاب الايمان والكفر والطاعات والمعاصي والوعد والوعيد
  • هل تعصي الأنبياء عليهم الصلاة والسلام
  • فإن قالوا : خلق الله الأفاعي والسباع كخلق الحصى والحرث ، مزجرة للكفار.

    قال أبو محمد : وهذا من ظريف الجنون ، ولقد ضل بخلقتها جموع من المخذولين ممن جرى مجرى المعتزلة في أن يتعقبوا على الله ـ عزوجل ـ فعله كالمنانية والمجوس الذين جعلوا إلها خالقا غير الحكيم العدل.

    ثم نقول للمعتزلة : إن كان كما تقولون مصلحة فكان الاستكثار من المصلحة أصلح وأبلغ في الزجر والتخويف ، فكلّ هذه الدعاوى منهم حماقات ومكابرات بلا برهان ، ليست أجوبتهم فيها بأصح من أجوبة المنّانية ، والمجوس ، وأصحاب التناسخ ، بل كلها جارية في ميدان واحد من أنها كلها دعوى فاسدة بلا برهان ، بل البرهان ينقضها وكلها راجعة إلى أصل واحد ، وهو تعليل أفعال الله ـ عزوجل ـ التي لا علة لها أصلا والحكم عليه بمثل الحكم على خلقه فيما يحسن منه ويقبح ، تعالى الله عن ذلك.

    قال أبو محمد : ويقال لأصحاب الأصلح خاصة : ما معنى دعائكم في العصمة وأنتم تقولون إن الله ـ تعالى ـ قد عصم الكفار كما عصم المؤمنين فلم يعتصموا؟ وما معنى دعائكم في الإعادة من الخذلان ، وفي الرغبة في التوفيق ، وأنتم تقولون إنه ليس عنده أفضل مما قد أعطاكموه ، ولا في قدرته زيادة على ما قد فعله بكم؟

    وأيّ معنى لدعائكم في التوبة وأنتم تقطعون على أنه لا يقدر على أن يعينكم في ذلك بمقدار شعرة زائدة على ما قد أعطاكموه؟

    فهل دعاؤكم في ذلك إلّا ضلال ، وهزل ، وهزء كمن دعا إلى الله أن يجعله من بني آدم ، أو أن يجعل النبي نبيا ، والحجر حجرا؟

    وهل بين الأمرين فرق؟

    فإن قالوا : إن الدعاء عمل أمرنا الله ـ تعالى ـ به.

    قيل لهم : إن أوامره ـ تعالى ـ من جملة أفعاله بلا شك ، وأفعاله عندكم تجري على ما يحسن في العقل ويقبح فيه في المعهود وفيما بيننا وعلى الحكمة عندكم وقد علمنا أنه لا يحسن في العقل ويقبح فيه في المعهود وفيما بيننا وعلى الحكمة عندكم وقد علمنا أنه لا يحسن في الشاهد بوجه من الوجوه أن يأمر أحدا يرغب إليه فيما ليس بيده ، ولا فيما قد أعطاه إياه ، وكلا هذين الوجهين عبث وسفه ، وهم مقرون بأجمعهم أن الله ـ تعالى ـ حكم بهذا وفعله وهو أمره لهم بالدعاء إليه إما فيما لا يوصف عندهم بالقدرة عليه وإما فيما قد أعطاهم إياه ، وهو عندهم عدل وحكمة ، فنقضوا أصلهم الفاسد بلا شك. وأمّا نحن فإننا نقول : إن الدعاء عمل أمرنا الله ـ عزوجل ـ به فيما