• الفهرس
  • عدد النتائج:
  • باب ما الاستطاعة
  • كتاب الايمان والكفر والطاعات والمعاصي والوعد والوعيد
  • هل تعصي الأنبياء عليهم الصلاة والسلام
  • وجل إذ يقول تعالى : (يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً) [سورة الأنعام : ١٥٨].

    ومثل قوله تعالى : (وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ) [سورة السجدة : ٢٨ ، ٢٩].

    ومثل حالة المحتضر عند المعاينة التي لا يقبل فيها إيمانه. وكما قيل لفرعون : (آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ) [سورة يونس : ٩١].

    قال أبو محمد : فيقال لهم هذه الآيات حق وقد شاهدت الملائكة تلك الآيات وتلك الأحوال ولم يبطل بذلك قبول إيمانهم إيمان فهلّا على أصولكم صار إيمانهم إيمان اضطرار لا يستحقون عليه جزاء في الجنة أم صار جزاؤهم عليه أفضل من جزاء كل مؤمن دونهم وهذا لا مخلص لهم منه أصلا. ثم نقول لهم : أخبرونا عن إيمان التوفيق إذ صح عندهم صدق النبي بمشاهدة المعجزات من شقّ القمر ، وإطعام النفر الكثير من الطعام اليسير ، ونبعان الماء الغزير من بين الأصابع ، وشق البحر ، وإحياء الموتى ، وأوضح كل ذلك بنقل التواتر الذي به صح ما كان قبلنا من الوقائع والملوك وغير ذلك ما يصير فيه من بلغه كمن شاهده ولا فرق في صحة اليقين لكونه هل إيمانهم إلا إيمان يقين قد صح عندهم وأنه حمق ولم يتجلى لهم فيه شك بل علمهم به كعلمهم أن ثلاثة أكثر من اثنين وكعلمهم ما شاهدوه بحواسهم في أنه كله حق وعلموه ضرورة أم إيمانهم ذلك ليس يقينا مقطوعا بصحة ما آمنوا به عنده كقطعهم على صحة ما علموه بحواسهم ولا سبيل إلى قسم ثالث ...؟ فإن قالوا : بل هو الآن يقين قد صح علمهم بأنه حق لا مدخل للشك فيه عندهم كيقينهم صحة ما علموه بمشاهدة حواسهم.

    قلنا لهم : نعم هذا هو الإيمان الاضطراري بعينه ولا تفرقوا ، وهذا الذي موهتم بأنه لا يستحق عليه من الجزاء كالذي يستحقه على غيره ، وبطل تمويهكم بحمد الله تعالى إذ قلتم : إن معنى قوله تعالى : (لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى) [سورة الأنعام آية رقم ٣٥] (لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ) [سورة يونس آية رقم ٩٩] أنه كان يضطرهم إلى الإيمان.

    فإن قيل : بل ليس إيمان المؤمنين هكذا ولا علمهم بصحة التوحيد والنبوة على يقين وضرورة.

    قيل لهم : قد أوجبتم أن المؤمنين على شك في إيمانهم وعلى عدم يقين في اعتقادهم وليس هذا إيمانا بل كفر مجرد ممن كان دينه هكذا فإن كان هذا صفة إيمان المعتزلة فهم أعلم بأنفسهم وأما نحن فإيماننا ولله الحمد إيمان ضروري لا مدخل للشك فيه كعلمنا أن ثلاثة أكثر من اثنين وأن كلّ بناء فمبني وكل من أتى