• الفهرس
  • عدد النتائج:

قد قبلنا. وأتيناك لنتفقه في الدين ، ونسألك عن بدو هذا الأمر. فقال : «كان الله ولم يكن شيء غيره ، وكان عرشه على الماء (١)» وكتب في الذكر كل شيء ، وخلق السموات والأرض».

واعلم : أن هذا الخبر فيه فوائد :

أحدها : أن الحيز والجهة : أمر موجود. بدليل : أنه مشار إليه بحسب الحس ، ومقصد المتحرك. ويوصف بالقرب والبعد ، ويقبل التقدير والمساحة. وكل ما كان كذلك ، فهو شيء موجود لا محالة. فقوله عليه‌السلام : «كان الله ولم يكن شيء غيره» يدل على أن الأحياز والجهات ما كانت موجودة في الأزل ، وإذا كان كذلك ، علمنا : أنه تعالى ما كان في الأزل ، حاصلا في حيز وجهة أصلا.

وثانيها : إن قوله : «ولم يكن شيء غيره» يدل على حدوث الأجسام والأعراض والعقول والنفوس. ويدل أيضا : على فساد قول المعتزلة في أن المعدوم شيء.

وثالثها : قوله : «وكتب كل شيء في الذكر» فهذا يدل على قولنا في مسألة القضاء والقدر. لأن العبد لو أتى بخلاف ذلك المكتوب ، لصار حكم الله باطلا ، وخبره كذبا. وذلك محال. والمفضي إلى المحال محال. فثبت : أن كل ما كتب في اللوح المحفوظ ، فهو واقع ، وإن العبد لا قدرة له على خلافه.

الحجة الرابعة والعشرون : عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إن الله خلق الجنة ، وخلق لها أهلا. وهم في أصلاب آبائهم. وخلق النار ، وخلق لها أهلا. وهم في أصلاب آبائهم» والاستدلال به ظاهر.

الحجة الخامسة والعشرون : الدعاء المشهور المأثور عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وهو قوله : «اللهم لا مانع لما أعطيت ، ولا معطى لما منعت» ولو كان جعل العبد ليس من خلق الله تعالى ، لكان العبد قد يمنع كثيرا مما (٢) أعطى الله ،

__________________

(١) سورة هود ، آية : ٧.

(٢) إنما (م).