• الفهرس
  • عدد النتائج:

هذا التقرير فإنه يلزم أن يكون اختصاص جرم الفلك المعين ، وبهذه الحركة المعينة ، رجحانا لأحد طرفي الممكن على الآخر لا لمرجح. فعليكم أن تقيموا الدلالة على أن ذات الفلك المعين قابلة لجميع أنواع الحركات المختلفة ، حتى يتوجه النقض. ومعلوم أن هذه المقدمة ليست بينة لذاتها ، لأن الحركة من المشرق إلى المغرب مضادة للحركة من المغرب إلى المشرق ومخالفة لها. ولا يلزم من كون الشيء قابلا لصفة ، كونه قابلا لما يخالف تلك الصفة وتضادها. لأنه لم يثبت في العقل : أن الماهيات المختلفة يجب استواؤها في اللوازم والأحكام، فمن المحتمل أن يقال : جرم هذا الفلك لا يقبل إلا هذا النوع من الحركة ، وبهذا التقدير لم يكن اختصاص هذا الفلك المعين (١)] بهذه الحركة المعينة رجحانا لأحد طرفي الممكن على الآخر لا لمرجح ، بخلاف الدليل الذي ذكرناه. لأنا قلنا : العالم لما حدث في ذلك الوقت ، فلو كان حدوثه قبل ذلك ممتنعا لزم أن يقال : إنه انتقل من الامتناع الذاتي إلى الإمكان الذاتي ، وهو محال. أما هاهنا فجرم الفلك لم ينتقل من نوع من الحركة إلى نوع آخر ، بل الحاصل فيه [ليس (٢)] إلا هذا ، فلم [يبعد (٣)] أن يقال : الممكن ليس إلا هذا النوع ، أما سائر الأنواع فهي ممتنعة أبدا. فظهر الفرق بين البابين. فإن قالوا : هذا الفرق الذي ذكرتم إنما يتلخص لو ثبت أن الحركة الواقعة على هذا الوجه الخاص مخالفة بالماهية ، للحركة الواقعة على سائر الوجوه ، فما الدليل على أن الأمر كذلك؟

بل نقول : الدليل على تساوي هذه الحركات في تمام الماهية وجهان :

الأول : إنه لا معنى للحركة إلا الانتقال من جهة إلى جهة ، والحركات بأسرها متساوية في هذا المعنى ، فوجب كونها متساوية في تمام الماهية.

الثاني : إن الأجسام متساوية في تمام الماهية (٤) وكل ما صح على شيء ،

__________________

(١) من (ط).

(٢) من (ط).

(٣) من (س)

(٤) من (س)