• الفهرس
  • عدد النتائج:

في تقرير هذه الحجة ، على حكم البديهة (١) العقلية ، ثم وجدنا البديهة العقلية : حكمت بالفرق بين الصورتين ، فقد زال السؤال.

وأما قوله ثالثا : «الهيولى ليس لها حجم ، [ولا مقدار. وما كان كذلك ، امتنع حدوث الجسم عنه» فنقول : إن هذا يلزم على من يقول : إن هيولى الأجسام جوهر مجرد ، ليس له حجم (٢)] ولا تحيز ، أما من يقول : هيولى الأجسام هي الأجزاء التي لا تتجزأ ، وهي التي يسميها القدماء بالهباءات. فالسؤال زائل ، لأنه تقرر في عقل كل أحد : أن هذا القصر إنما تركب عن أجسام كل واحد منها في نفسه شيء صغير ، إلا أنه لما انضم البعض إلى البعض حصل (٣) الجسم الكبير.

وأما قوله رابعا : هذه الهيولى لا تخلو عن الحركة والسكون والاجتماع والافتراق. وهذه الأعراض حادثة ، وما لا ينفك عن الحادث فهو حادث. فسيأتي الجواب عنه في باب دلائل القائلين بحدوث الأجسام.

أما قوله خامسا : «دعوى البديهة في محل الخلاف : باطل» فنقول : قد دللنا على أنه لا بد من الاعتراف بوجود العلوم البديهية ، ودللنا على أنه لا يمكن كون العلم بديهيا إلا الأمور التي تحكم بصحتها [جميع (٤)] العقول السليمة ، وقد بينا : أن القول بأن هذا القصر العالي إنما حدث الآن من غير سابقة وجود الأحجار والخشب واللبن : قول يدفعه العقل ، ويقضي على قائله بالجنون. فيثبت : أن هذه المقدمة من المقدمات البديهية الضرورية.

أما قوله سادسا : «لم لا يجوز أن يقال : إنا وإن قطعنا بعدم الوقوع ، أنا مع ذلك نحكم بجواز الوقوع» فنقول : هذا باطل. لأن الشيء إذا كان جائز الوجود ، وجائز العدم ، فلا يلزم من فرض وجوده ، ولا من فرض عدمه :

__________________

(١) بديهة العقل (ط)

(٢) من (ط ، س)

(٣) صار (ت)

(٤) من (ط)