• الفهرس
  • عدد النتائج:

وأما قس بن ساعدة الأيادي ، فهو الذي يقول في بعض مواعظه : كلا ورب هذه الكعبة ليعودن من مات ، ولئن ليعودن يوماً. وأيضاً في بعض مواعظه : كلا بل هو الله واحد، ليس بمولود ولا والد ، أعاد وأبدى واليه المآب غداً. فأقر في هذا الكلام بالإله الواحد، وأثبت الإبداء والإعادة.

وقد دل على ذلك أيضاً بأبيات قالها وهي :

يا ناعي الموت والأموات في جدث

عليهم من بقايا بزهم خرق

دعهم فان لهم يوماً يصاح بهم

كما ينبه من رقداته الصعق

حتى يجيبوا بحال غير حالهم

خلق مضوا ثم ما ذا بعد ذاك لقوا

منهم عراة وموتى في ثيابهم

منها الجديد ومنها الأورق الخلق

وأما عامر بن الظرب العدواني ، فإنه كان من حكماء العرب وخطبائهم ، وله الوصية الطويلة يقول في آخرها : اني ما رأيت شيئاً قط خلق نفسه ولا رأيت موضوعاً الا مصنوعاً ولا جائياً الا ذاهبا ، ولو كان يميت الناس السداء لا عاشهم الدواء.

ثم قال : أرى أموراً شتى وشيء حي ، قيل له : وما حي؟ قال : حتى يرجع الميت حياً ، ويعود لا شيء شيئاً ، وكذلك خلقت السماء والأرض ، فتولوا عنه ذاهبين ، فقال : ويل أمها نصيحة لو كان من يقبلها لقلتها.

ومن هؤلاء زهير بن أبي سلمى ، وكان يميز بالعصا وقد أورقت بعد يئس ، فيقول : لو لا أن تسبني العرب لأنت الذي أحياك سيحيي العظام وهي رميم ، ثم آمن بعد ذلك ، وقال في قصيدته التي أولها :

أمن أم أو في ذمته لم يؤخر فيوضع

في كتاب فيدخر ليوم الحساب أو يعجل فينتقم