في تعارضه مع قاعدة القرعة (١)
اعلم أنّ الأخبار في القرعة وردت على ثلاثة مضامين ، الأوّل أنّها لكلّ أمر مشكل ، والثاني أنّها لكلّ أمر مجهول ، والثالث أنّها لكلّ أمر مشتبه.
ولا يخفى أنّ عنوان المشكل أخصّ من الأخيرين ، إذا الظاهر منه هو الأمر الذي ليس فيه من العقل ولا من الشرع حيلة ولا خلاص ، كالمال المردّد بين اثنين إذا لم يتراضيا على الصلح وكذا تمييز الحقوق المشاعة في مقام القسمة ، وتعيين بعض مفروز من العين لشريك وبعض آخر لشريك آخر ، فإنّه ليس في العقل ولا من النقل من غير دليل القرعة ما يزيل الحيرة.
ولا يخفي أيضا أنّ إجراء حكم المطلق والمقيّد المثبتين لا يجوز في هذا المقام ؛ لأنّه مختصّ بما إذا لم يلزم التقييد بالأكثر أو الكثير كما هو كذلك في المقام ، فإنّه غير جائز ، كما أنّا نعلم من هذه الجهة أيضا بعدم إرادة المعنى الظاهري من العنوانين الأخيرين بهذه الوسعة ؛ لأنّا نقطع بجعل الطرق والأمارات والاصول الشرعيّة في كثير من الشبهات الحكميّة والموضوعيّة بحيث يستلزم خروج تلك الموارد عن هذا العموم بقرينة منفصلة التخصيص المستبشع ولو فرض ورود القرينة قبل زمان العمل ، فإنّ قبحه ليس من جهة الإغراء بالجهل ، بل من جهة أنّ أداء الكلام بصورة العموم ثمّ تضييقه بحيث يبقى تحته واحد واثنان خارج عن قانون المحاورة.
وبالجملة ، فنعلم إجمالا بورود القرينة المتّصلة بصورة القيد ، لا الاستثناء ، فإنّه لا مانع مع القيد عن الإتيان بكلمة «كلّ» ولو كان منحصرا في واحد كما هو واضح ،
__________________
(١) راجع ص ٦٤٠