• الفهرس
  • عدد النتائج:

أمّا الثاني فإن احتمل وجود التكليف في الآخر فالظاهر عدم المانع من الاستصحاب أيضا ، ففائدته تنجيز ذلك التكليف المحتمل في كلّ طرف على تقدير ثبوته.

وأمّا إن علم بثبوته في الآخر ، كما علم بنفيه في أحدهما ، فإن ترتّب على الاستصحابين أثر آخر غير تنجيز الواقع المعلوم مثل نجاسة الملاقي في الإنائين المشتبهين المعلوم نجاسة أحدهما وطهارة الآخر فلا مانع أيضا ، وإن انحصر الفائدة في تنجيز المعلوم بالإجمال فالظاهر عدم الجريان ؛ لأنّ الأحكام الظاهريّة ليست بنفسيّة مجعولة لمصلحة في متعلّقاتها ، وإنّما روعي حال الواقعيّات في جعلها ، والمفروض في المقام العلم بعدم التكليف في أحد الطرفين ، والعلم بثبوته في الآخر ، فالتكليف الموجود معلوم ، وقد مرّ في محلّة أنّ التكليف بعد ما علم لا محلّ لأمر مولويّ آخر بنفس متعلّقه ؛ لأنّ شأن الأمر المولوي هو الصالحيّة لإيجاد الداعي في المكلّف ، والأمر الثاني غير صالح لذلك ، بل إمّا لغو وإمّا جزء المؤثّر.

فإن قلت : مؤثّرية العلم في التحريك إنّما هو بحكم العقل ، وهو معلّق على عدم بيان من الشرع ، فإذا ورد حكم الشرع ارتفع موضوع حكم العقل ، كما هو الحال في البراءة الشرعيّة ، حيث إنّها واردة على العقليّة ، ولا يوجب استقلال العقل في موردها بالبراءة لغويّتها وسقوطها عن المولويّة ، فكذلك المقام بلا فرق.

قلت : الظاهر الفرق بين المقامين ، فإنّ موضوع حكم العقل بقبح العقاب هو عدم البيان مطلقا ، لا على الوجود ولا على العدم ، والبراءة الشرعيّة بيان العدم ، وأمّا المقام فبابه باب التكليف ، ولا بدّ فيه من صلاحيّة العلّة التّامة المفقودة بالفرض.

وبعبارة اخرى : يمكن القناعة في باب البراءة بالتأكيد بأن يكون الغرض من بيان العدم مع كفاية اللابيانيّة هو التأكيد ، ولكن لا يمكن في باب الأمر والنهي المولويين ، فتدبّر ، والحمد لله ربّ العالمين.