فالكلام في مبحث الاجتماع حيث إنّه في الأفعال وعرفت أنّ الوجود الخارجي بالمعنى الثاني غير معتبر فيها فاختار السيّد هناك الجواز ، وإلّا فلو كان موضوع ذلك المبحث في الأعيان والموضوعات لتعيّن القول بالامتناع ، لما عرفت من أنّ الوجود المعتبر فيها هو ما كان الخارج ظرفا لوجود الملحوظ لا لنفسه ، وأمّا في مقامنا أعني الشبهة الموضوعيّة في الطبيعة المعتبرة بنحو صرف الوجود مانعا في المأمور به ، فحيث إنّ موضوع البحث هو الأعيان مثل جزء غير المأكول والمحمول النجس وغير ذلك فلهذا اختار قدسسره هنا البراءة ، وإلّا فلو كان موضوعه هو الأفعال لتعيّن القول بالاشتغال ، وذلك لأنّ لازم أخذ الوجود بالنحو المعتبر في الأفعال عدم سراية الغرض من الطبيعة إلى أفرادها الخارجيّة ، ولازم هذا هو القول بالجواز في مبحث الاجتماع والاشتغال في هذه الشبهة الموضوعية ، ولازم أخذ الوجود بالنحو المعتبر في الموضوعات سراية عرض الطبيعة إلى الأفراد ولازمه القول بالامتناع في مبحث الاجتماع ، والبراءة في هذا المقام.
وأمّا الدفع فبعد عدم اختصاص كلّ من المبحثين بما ذكره ـ بل يجري الكلام في كلّ منهما في الأفعال وفي الموضوعات كما هو واضح ـ نقول : وإن كان ما ذكره من الفرق بين الأفعال والموضوعات في أخذ الوجود المعتبر فيها حقّا لا محيص عنه ، ولكن ما فرّعه على هذا الفرق ممنوع غاية المنع.
تفصيل الكلام في المقام أن يقال : اعلم أنّه فرق بين الفعل الصادر من المكلّف الواقع مركبا ومحلّا للأوامر والنواهي ، وبين موضوعات تلك الأفعال مثل أمّهاتكم في قوله تعالي : «حرّمت عليكم أمّهاتكم» بعد تقديره بالنكاح وكذلك الخمر وسائر الموضوعات ، والفرق أنّ الفعل يكون في ذهن المريد عاريا عن الوجود والعدم ، وإنّما يكون إعطاء الوجود له في ما يستقبل ملحوظا للمريد ، إمّا محبوبا وإمّا مبغوضا ، بمعنى أنّ هذا داخل في مفاد هيئة الأمر والنهي.
ولا ينافي ذلك ما قرّر في محلّه من لزوم اعتبار الوجود الخارجي مع الطبيعة