جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) ثمّ قال : «امسح عليه» : حيث يظهر منه أنّهعليهالسلام منعه عن مثل هذا السؤال معلّلا بأنّه يعرف من كتاب الله ، فلا يحتاج إلى السؤال ، يعني قوله تعالى : (ما جَعَلَ) الخ يدلّ على لزوم المسح على المرارة فالحديث آب عن الحمل على التعبّد والاقتصار على مورده.
وحينئذ نقول : الآية لا تعرّض فيها إلّا لعدم جعل ما كان حرجيّا ، وهل فيها تعرّض لجعل غيره؟ فإذا صار مباشرة الماسح للممسوح حرجا ، فعدم جعلها يلائم مع عدم جعل الوضوء رأسا وبعدم جعل المسح كذلك ، وبعدم جعل خصوص المباشرة مع جعل البقيّة فالإمام استشهد بالآية للثالث.
فنقول : ما الفرق بين هذه الآية ورواية الرفع والحجب ، فإذا شكّ في جزئيّة جزء فهو بمقتضى رفع ما لا يعلمون يصير مرفوعا ، ولكن مرفوعيّته لا يضرّ بباقي الأجزاء ، فيصير الواجب ما سوى هذا الجزء وبالجملة ، إنّا استفدنا في خصوص الأقلّ والأكثر دون المتباينين من الإمام عليهالسلام أنّ الحديث كما أنّه متعرّض للرفع متعرّض للوضع أيضا ، وللخصم إبداء الفرق بين هذا الحديث وآية رفع الحرج التي تمسّك بها الإمام عليهالسلام ، هذا تمام الكلام في الترديد بين الأقلّ والأكثر.
بقي التنبيه على امور
الأوّل : إذا دار الأمر بين التعيين والتخيير كما لو علمنا بوجوب إكرام زيد ، لكن لم نعلم أنّه الطرف التخييري والطرف الآخر إكرام عمرو أو أنّه الواجب معيّنا ولم يكن هناك إطلاق لفظي إمّا بأن يكون الدليل لبيّا أو كان لفظيّا ولكن لم يجتمع شرائط الأخذ بالإطلاق في اللفظ فهل الأصل في هذه الشبهة أيضا ما ذكر في الشبهة بين الأقلّ والأكثر من البراءة أو غيره.
ربّما يقال بأن الكلام في هذه هو الكلام في تلك ، وذلك لرجوعها إلى الشبهة المذكورة ، وذلك لأنّ من المقرّر في المعقول أنّ الواحد لا يتأثّر إلّا من الواحد ،