• الفهرس
  • عدد النتائج:

بالامتثال هو السلامة من تبعة العقوبة ، فإذا فرض كون الطلب بحيث وجوده وعدمه سيّان في عدم استحقاق عقوبة من ناحيته أصلا ، كان العلم والجهل به عند العقل على السواء ، فلا يلزم العالم بالوجوب الغيري بإطاعته كما يحكم به بالنسبة إلى العالم بالوجوب النفسي.

وإذن فالسبب للتنجيز العقلي في المقام إنّما هو العلم الإجمالي بالوجوب النفسي إمّا في الأقلّ أو في الأكثر بخصوصيّة كونه نفسيّا ، ومن المعلوم أنّه لا يكفي في انحلال هذا العلم العلم التفصيلي بالوجوب الأعمّ في أحد الطرفين ، بل اللازم تفصيليّة الوجوب النفسي في أحدهما وهو مفقود هنا باعتراف الخصم.

فإن قلت : سلّمنا قولك أنّ الإجمال بالنسبة إلى خصوص النفسي باق ، ولكنّا لا نسلّم دخالة هذه الخصوصيّة في الأثر العقلي وهو التنجيز ، فإنّا نمنع عدم صيرورة العلم بالوجوب الغيري مورثا لاستحقاق العقوبة بإطلاقه ، وإنّما المسلّم عدم استحقاق التارك للمقدّمة عقابا على نفس تركها ، وأمّا على ترك ذيها فلا ، بمعنى أنّه يصحّ أن يصير حجّة بين المولى والعبد في مقام المؤاخذة على مخالفة ذي المقدّمة ، فيصحّ أن يقول المولى لمن ترك الواجب مع علمه بوجوب مقدّمته : لم عصيتنى وتركت هذا الواجب؟ أما بيّنت لك وجوب مقدّمته.

والحاصل أنّ الوجوب المقدّمي مشترك مع النفسي في استحقاق العقوبة بمخالفته ، غاية الأمر أنّ العقاب في الثاني على مخالفة نفسه وفي الأوّل على مخالفة غيره ، وهذا لا يوجب فرقا في حكم العقل ، فإنّ ملاكه الأمن من العقوبة سواء كانت على نفس المعلوم أو على غيره بسببه ، وحينئذ فنقول : التكليف بالأقلّ معلوم ومخالفته موجبة للعقوبة إمّا على ترك نفسه أو على الترك المسبّب من تركه ، ولا علم بتكليف آخر وراء هذا المعلوم.

قلت : لقد اعترفت بمدّعانا من حيث لا تشعر ، فإنّك أقررت بأن الوجوب النفسي على تقدير تعلّقه بالأكثر واقعا كان حجّة المولى عليه تماما وهو علم العبد بوجوب مقدّمته وهو الأقلّ ، فقد اعترفت بأنّ الواجب النفسي سواء كان الأقلّ في