في البين أصلا ، وأمّا العقاب والدخول في النار فاحتماله فرع وجود المنجّز والبيان ، فإذا فرضنا أنّ نفس الاحتمال ليس ببيان فلا وجه لاحتماله.
فتحقّق أنّه وإن كان الشبهة البدويّة قبل الفحص والشبهة المحصورة بيانا ، لكن الشبهة البدويّة بعد الفحص لا يكون بيانا ، فاحفظ هذا واغتنمه ، فإنّه العمدة لاستقامة مطلب الاصولي.
والوجه الثالث : أنّ هناك قاعدة ظاهرية جارية على لسان الشرع مفيدة لتحريم الشبهات ووجوب الاحتياط فيها ، وهي مستفادة من الآيات والأخبار ، أمّا الآيات الدالّة فطائفتان :
الاولى : ما تدلّ على حرمة القول بغير علم.
والجواب أنّ الاستدلال بها مبنيّ على كون الاصولي مفتيا وقائلا في الشبهة على طرف الإباحة بأن يقول بأنّ هذا حكم الواقعة بحسب الواقع ، ومن المعلوم خلافه وأنّ قوله بالإباحة إنّما هو في مرحلة الظاهر ؛ لاستناده على قبح العقاب بلا بيان ، فما يقوله الاصولي من الإباحة الظاهريّة لا يكون قولا بغير علم ، وما يكون قولا بغير علم من الإباحة الواقعيّة لا يقوله الاصولي ، فالآية لا ترتبط به أصلا.
الثانية : الآيات الآمرة بالتقوى ، وتقريب الاستدلال أنّ للتقوى مراتب يصدق على كلّ منها هذا الإسم ، الاولى : هو الإتيان بالواجبات المعلومة والاجتناب عن المحرّمات المعلومة ، والمرتبة الأعلى من هذا هو التجنّب عن المحرّمات المحتملة والإتيان بالواجبات المحتملة ، وإذا كان اللفظ مطلقا فهو ظاهر في كلتا مرتبتيه ، فإذا تعلّق الوجوب بهذا المفهوم على ما هو قضيّة ظاهر الهيئة ثبت وجوب التقوى بجميع مراتبه.
والجواب أنّ للتقوى مرتبة اخرى أعلى من المرتبتين المتقدّمتين وهي الإتيان بالمستحبّات والتجنيب عن المكروهات ، ودعوى عدم صدق التقوى على هذه المرتبة وأنّه في ذلك على حذو لفظة الخشية من الله في عدم الصدق إلّا