ونعني بالحيّز المكان ، لكن لا بما هو مكان ، بل بما هو في جهة مخصوصة ، وله وضع مخصوص ، من الجسم المحدد للجهات ، مع ترتيب بين أجزاء العالم ، فإنّ المكان بما هو مكان ليس طبيعيا لجسم من الأجسام أصلا ، سواء كان بعدا مجردا ، أو سطحا.

أما على الأوّل ؛ فلتشابه أجزائه في الهيئة والحقيقة ، كما يشهد به النظر الصحيح ، فلا اختصاص لبعض أجزائه بكونه طبيعيا لبعض الأجسام ، دون بعض.

وأمّا على الثاني ؛ فلأنه يلزم أن تسكن الأرض بطبعها لو فرضت فيما بين الماء في أيّ موضع كان ، سواء انطبق مركز ثقلها على مركز العالم ، أم لا ، وأن تتحرك الأرض بطبعها لو فرضت في وسط العالم غير محاطة بالماء ، واللازمان ، كلاهما ظاهر البطلان ، فكذا الملزوم ، فالمطلوب بالطبع للأجسام إنّما هو الوضع والجهة ، والمكان مطلوب بالعرض.

فالأرض ـ مثلا ـ تطلب مكانها الّذي هي فيه ؛ لأنّه تحت جميع الأمكنة ، والماء يطلب أن يكون محيطا بالأرض بكلّيّته ، بشرط أن تكون الأرض على مركز العالم.

وصل

الحيّز الّذي يقتضيه الجسم بطبعه ويكون فيه عند عدم القواسر ، يكون واحدا لا محالة ؛ لاستحالة كون الجسم الواحد في المكانين ، فالحيّز الطبيعي لكلّ جسم واحد.

وأيضا كلّ جسم له طبيعة واحدة ، وهو ظاهر. والطبيعة الواحدة لا تقتضي