• الفهرس
  • عدد النتائج:
  • القسم الأول

  • فهذه أربع عوارض قواطع دون الكثرة الخارجية في الأولاد للناس ، ثم كون الإناث في الولادات أيضا. ولو طلبنا أن نعد من عاش له عشرون ولدا فصاعدا من الذكور وبلغوا الحلم فما وجدناهم إلّا في الندرة ، ثم في القليل من الملوك وذوي اليسار المفرط الذين تنطلق أيديه على الكثير من النساء والإماء ، ثم على الخدام اللواتي هن العون على التربية والكفاية ، وعلى كثرة المال الذي لا يكون المعاش إلّا به ، وأمّا من لا يجد إلا الكفاف وفوقه مما لا يبلغ الإكثار من الوفر ، ولا يقدر إلّا على المرأة والمرأتين ونحو ذلك ، فلا يوجد هذا فيهم البتة بوجه من الوجوه ولا يمكن ذلك أصلا لهم لما ذكرنا آنفا من القواطع الموانع ، وقد شاهدنا الناس وبلغتنا أخبار أهل البلاد البعيدة ، وكثر بحثنا عما غاب عنا منا ، ووصلت إلينا التواريخ الكثيرة المجموعة في أخبار من سلف من عرب وعجم في كثير من الأمم ، فما وجدنا في كل ذلك المعهود من عدد أولاد الذكور في المكثرين الذين يتحدث بهم عند كثرة الولد إلّا من أربعة عشر ذكرا فأقل ، وأمّا ما زاد إلى العشرين فنادر جدّا.

    هذه الحال في جميع بلاد أهل الإسلام ، والذي بلغنا عن ممالك النصارى إلى أرض الروم ، وممالك الصقالبة والترك والهند والسودان قديما وحديثا ، وأما الثلاثون فأكثر فما بلغنا ذلك إلا عن نفر يسير عمن سلف. منهم «أنس بن مالك الأنصاري» ، وخليفة بن أبي السعدي ، وأبو بكرة ، فإن هؤلاء لم يموتوا حتى مشى بين يدي كل واحد منهم مائة ذكر من ولده. وعمر بن عبد الملك (١) فإنه كان يركب معه ستون رجلا من ولده ، وجعفر بن سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس ، فإنه عاش له أربعون ذكرا (٢) من ولده سوى أبنائهم ، وعبد الرحمن بن الحكم بن هشام بن عبد الرحمن بن معاوية (٣) فإنه ولد له خمسة وأربعون ذكرا عاش منهم نيف وثلاثون ، وموسى بن

    __________________

    (١) هو عمر بن عبد الملك بن محمد بن عبد الرحمن بن معاوية بن خديج. استخلفه ابن هبيرة على الاسكندرية ، وقتله أنصاره في قصره فيها سنة ٢٠٠ ه‍. انظر الأعلام للزركلي.

    (٢) في سير أعلام النبلاء للذهبي (٨ / ٢٣٩) أنه مات عن ثمانين ولدا لصلبه منهم ثلاثة وأربعون ذكرا. توفي سنة ١٧٤ أو ١٧٥ ه‍. وانظر أيضا المعرفة والتاريخ للفسوي (١ / ١٣١ ، ١٣٢ ، ١٣٥) وعيون الأخبار (١ / ١٢٢ ، ٢ / ٢٥٣ ، ٣ / ٢٤ ، ١٩٩).

    (٣) بويع عبد الرحمن بعد والده في آخر سنة ٢٠٦ ه‍ ، فامتدّت أيامه. وكان وادعا حسن السيرة لين الجانب قليل الغزو ، غلبت المشركون في دولته على إشبيلية. ولد عبد الرحمن بن الحكم بطليطلة ست ١٧٦ ه‍ ، ومات سنة ٢٣٨ ه‍. انظر ترجمته في العقد الفريد (٤ / ٤٩٣) وجذوة المقتبس (ص ١٠) والمغرب في حلى المغرب (١ / ٤٥ ، ٥١) والحلة السيراء (ص ٦١) والبيان