• الفهرس
  • عدد النتائج:
  • القسم الأول

  • وسائر الأجناس في المساجد ببيت المقدس وغيره ، التي هي بيوت الله تعالى.

    قال «أبو محمد» (رضي الله عنه) : وأمّا الطائفة التي أجازت إلّا أنها أخبرت أنه لم يكن فإنه يقال لهم ـ وبالله تعالى التوفيق ـ بأيّ شيء علمتم صحة نبوة موسى عليه‌السلام ، ووجوب طاعته؟

    فلا سبيل إلى أن يأتوا بشيء غير إعلامه وبراهينه ، وأعلامه الظاهرة.

    فيقال لهم ـ وبالله تعالى التوفيق ـ : إذا وجب تصديق موسى ، والطاعة لأمره لما ظهر من إحالة الطبائع على ما بيناه الكلام في بيان إثبات النبوات ، فلا فرق بينه وبين من أتى بمعجزات غيرها ، وبإحالة لطبائع أخر ، وبضرورة العقل يعلم كل ذي حس أن ما أوجبه لنوع فإنه واجب لأجزائه كلها. فإذا كانت إحالة الطبائع موجبة تصديق من ظهرت عليه فوجوب تصديق موسى وعيسى ومحمد عليهم‌السلام واجب وجوبا مستويا ، ولا فرق بين شيء منه بالضرورة.

    ويقال لهم : ما الفرق بينكم في تصديقكم بعض من ظهرت عليه المعجزات وتكذيبكم بعضهم؟ وبين من صدق من كذبتم ، وكذب من صدقتم كالمجوس المصدقين بنبوة «زرادشت» المكذبين بنبوة موسى ، وسائر أنبيائكم ، أو «المانوية» المصدقة بنبوة «عيسى» و «زرادشت» المكذبة بنبوة موسى ، أو «الصابئين» المكذبين بنبوة إبراهيم عليه‌السلام فمن دونه ، المصدقين بنبوة «إدريس» وغيره.

    وكل هذه الفرق والملل تقول في «موسى» عليه‌السلام ، وفي سائر أنبيائكم أكثر مما تقولون أنتم في «عيسى» و «محمد» عليهما‌السلام ، تنطق بذلك تواريخهم وكتبهم ، وهي موجودة مشهورة. وأقرب ذلك إليكم «السامرية» الذين ينكرون نبوّة كل نبي لكم بعد موسى عليه‌السلام ، ولا سبيل إلى أن تأتوا على جميع من ذكرنا بفرق إلا أتوكم بمثله ، ولا أن تدّعوا عليهم دعوى إلّا ادعوا عليكم بمثلها ، ولا أن تطعنوا في نقلهم بشيء إلا أروكم في نقلكم مثله سواء بسواء.

    وقد نبه الله تعالى على هذا البرهان بقوله تعالى :

    (وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلهُنا وَإِلهُكُمْ واحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) [سورة العنكبوت : ٤٦].

    فنص تعالى على أن طريق الإيمان بما آمنوا به من النبوة ، وطريق ما آمنا به نحن منها واحد ، وأنه لا فرق بين شيء من ذلك ، وأن الإيمان بالإله الباعث لموسى هو