وروى عنه : محمد بن طاهر ، وعمر الرّؤاسيّ ، ومحمد بن أبي عليّ الهمذانيّ ، وثابت بن منصور القيسرانيّ ، وإبراهيم بن عثمان الرّازقيّ ، وأبو نصر هبة الله السجزيّ ، وغيرهم.
قال ابن طاهر المقدسيّ : كنا جلوسا بالحرم ، فتمارى اثنان أيهما أحسن :مصر ، أو بغداد؟ فقلت : هذا يطول ، ولا يفصل بينكما إلا من دخل البلدين.
فقالوا : من هو؟
قلت : الفقيه هيّاج.
فقمنا بأجمعنا إليه ، قال : فيم جئتم؟ فقصصت عليه وقلت : قد احتكما إليك.
فأطرق ساعة ثم قال : أقول لكما أيهما أطيب؟
قلنا : نعم.
فقال : البصرة.
قلت : إنّما سألا عن مصر وبغداد ، فقال : البصرة أطيب ، ذاك الخراب وقلة النّاس ، ويطيب القلب بتلك المقابر والزيارات. وأما بغداد ومصر ، فليس فيهما خير من الزّحمة والأكاسرة.
وكان هيّاج فقيه الحرم بعد رافع الحمّال.
وسمعته يقول : كان لرافع الحمّال في الزّهد قدم ، وإنما تفقه أبو إسحاق الشّيرازيّ ، وأبو يعلى بن الفراء بمراعاة رافع. كانوا يتفقهون ، وكان يكون معهما ، ثم يروح يحمل على رأسه ، ويعطيهما ما يتقوتان به.
قال ابن طاهر : وكان هيّاج قد بلغ من زهده أنّه يصوم ثلاثة أيّام ، ويواصل ولا يفطر إلا على ماء زمزم. فإذا كان آخر اليوم الثّالث من أتاه بشيء أكله ، ولا يسأل عنه.
وكان قد نيف على الثّمانين ، وكان يعتمر في كلّ يوم ثلاث عمر على
__________________
= الثمين ٧ / ٣٨٠.