• الفهرس
  • عدد النتائج:

في مرضه : رأيت رجلا دفع إلي كتابا ، فأخذته ، فإذا فيه : بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى محمد بن عثمان القومسانيّ ، سلام عليكم.

وسمعت إبراهيم بن محمد القزّاز الشيخ الصّالح يقول : رأيت ابن عبدان ليلة مات أبو الفضل القومسانيّ ، فأخذ بيدي ساعة ، ثمّ قرأ (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها) (١) يريد موته.

سمعت أبا الفضل القومسانيّ يقول : روي عن النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله سلّم أنه كان يقول :«اللهمّ أمتعني بسمعي وبصري ، واجعلهما الوارث مني» (٢).

معناه مشكل ، فإنّ العلماء قالوا : كيف يكون سمعه وبصره يرثانه بعده دون سائر أعضائه؟ فتأولوه أنه أراد بذلك الدّعاء لأبي بكر وعمر ، بدليل قوله : «إني لا غنى بي عنهما ، فإنّهما من الدّين بمنزلة السّمع والبصر من الرّأس» (٣). فكأنه دعا بأن يمتع بهما في حياته ، وأن يرثاه خلافة النبوة بعد وفاته. ولا يجد العلماء لهذا الحديث وجها ولا تأويلا غير هذا (٤).

__________________

(١) سورة الرعد ، الآية ٤١.

(٢) الحديث بتمامه ، عن ابن عمر قال : فلما كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقوم من مجلس حتى يدعو بهؤلاء الدعوات لأصحابه : «اللهمّ أقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك ، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك ، ومن اليقين ما يهون علينا مصيبات الدنيا ، ومتعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوّتنا ما أحييتنا ، واجعله الوارث منّا ، واجعل ثأرنا على من ظلمنا ، وانصرنا على من عادانا ، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ، ولا تجعل الدنيا أكبر همّنا ، ولا مبلغ علمنا ، ولا تسلّط علينا من لا يرحمنا». رواه الحاكم في (المستدرك على الصحيحين ١ / ٥٢٨) ، وتابعه الذهبي في (تلخيص المستدرك) ، وأخرجه الترمذي في الدعوات (٣٥٠٢) وحسنه ، وابن السّني في (عمل اليوم والليلة ٤٤٠) ، وأخرجه الحاكم من حديث أبي هريرة بلفظ : «كان من دعاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :اللهمّ متّعني بسمعي وبصري ، واجعلهما الوارث مني ، وانصرني على من ظلمني ، وأرني فيه ثاري». (المستدرك ١ / ٥٢٣ ، التلخيص للذهبي) ، وسنده صحيح.

(٣) الحديث قويّ وصحيح ، رواه الترمذي (٣٦٧١) ، والحاكم في (المستدرك ٣ / ٦٩) من حديث : عبد الله بن حنطب ، ولفظه : «هذان السمع والبصر يعني أبا بكر وعمر». وأخرجه الخطيب البغدادي في (تاريخ بغداد ٨ / ٤٥٩ ، ٤٦٠) من حديث جابر بن عبد الله ، ولفظه : «أبو بكر وعمر من هذا الدين كمنزلة السمع والبصر من الرأس». وانظر : مجمع الزوائد للهيثمي ٩ / ٥٢ ، ٥٣.

(٤) قال البغوي في (شرح السّنة ٥ / ١٧٥) : «قيل : أراد بالسمع : وعي ما يسمع والعمل به ، وبالبصر : الاعتبار بما يرى. وقيل : يجوز أن يكون أراد بقاء السمع والبصر بعد الكبر وانحلال القوى ، فيكون السمع والبصر وارثي سائر القوى ، والباقين بعدها ، وردّ الهاء إلى الإمتاع ،=