• الفهرس
  • عدد النتائج:

الفصل الثانى

فى أحكام من قضى بكفره منهم

والقول الوجيز فيه أن يسلك بهم مسلك المرتدين فى النظر فى الدم والمال والنكاح والذبيحة ونفوذ الأقضية وقضاء العبادات ، أما الأرواح فلا يسلك بهم مسلك الكافر الأصلي ، إذ يتخير الإمام فى الكافر الأصلي بين أربع خصال : بين المن والفداء والاسترقاق والقتل. ولا يتخير فى حق المرتد ، بل لا سبيل إلى استرقاقهم ولا إلى قبول الجزية منهم ولا إلى المن والفداء ، وإنما الواجب قتلهم وتطهير وجه الأرض منهم ، هذا حكم الذين يحكم بكفرهم من الباطنية ، وليس يختص جواز قتلهم ولا وجوبه بحالة قتالهم ، بل نغتالهم ونسفك دماءهم فإنهم مهما اشتغلوا بالقتال جاز قتلهم ، وإن كانوا من الفرقة الأولى التى لم يحكم فيهم بالكفر وهو أنهم عند القتال يلتحقون بأهل البغى ، والباغي يقتل ما دام مقبلا على القتال وإن كان مسلما ؛ إلا أنه إذا أدبر وولى لم يتبع مدبرهم ولم يوقف على جريحهم ، أمّا من حكمنا بكفرهم فلا يتوقف فى قتلهم إلى تظاهرهم بالقتال وتظاهرهم على النضال.

فإن قيل : هل يقتل صبيانهم ونساؤهم؟ قلنا : أما الصبيان فلا ، فإنه لا يؤاخذ الصبى ، وسيأتى حكمهم ، وأما النسوان فإنا نقتلهم مهما صرحن بالاعتقاد الّذي هو كفر على مقتضى ما قررناه ، فإن المرتدة مقتولة عندنا بعموم قوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من بدل دينه فاقتلوه» (١). نعم ، للإمام أن يتبع فيه موجب اجتهاده ، فإن رأى أن يسلك فيهم مسلك أبى حنيفة ويكف عن قتل النساء فالمسألة فى محل الاجتهاد ، ومهما بلغ صبيانهم عرضنا الإسلام عليهم ، فإن قبلوا قبل إسلامهم وردت السيوف عن رقابهم إلى قربها (٢). وإن أصروا على كفرهم متبعين فيه آباءهم مددنا سيوف الحق إلى

__________________

(١) متفق عليه.

(٢) قربها : أغمادها.