• الفهرس
  • عدد النتائج:

لم يكن بعد هذه النبوة نبوة فاولى ان تحتاج الامة الى امام معصوم بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ينفي عن الشريعة الزيادة والنقصان والتحريف والتبديل فدعوى احتياج الناس الى امام معصوم من مقتضيات حكمة الله في ختم النبوة لا من منافياتها ولم يكن محمد خاتم النبيين الا ليكون اوصياؤه خاتمة الأوصياء واذا اوجب الله الوصية في الكتاب على من ترك مائة درهم مثلا فمن ترك امة عظيمة احرى بان يوصي بها الى من يؤتمن عليها وليس الا المعصوم وليس ذلك لقصور في بيان الكتاب ولا في روح النبوة ولا في التبليغ اما الكتاب الكريم فانه لم يتكفل ببيان جميع تفاصيل الاحكام وان قال الله تعالى انه تبيان لكل شيء لانه لا بد من حمل ذلك على بعض الوجوه مثل ان فيه اصول الاحكام اما تفاصيلها فلا او غير ذلك لما نراه بالبديهة ان جملة من الاحكام او تفصيلها لا يمكن استفادته من الكتاب فهو دال مثلا على وجوب الصلوات الخمس اما ان الظهرين والعشاء اربع ركعات والمغرب ثلاث والصبح ركعتان وان التكفير في الصلاة مستحب او غير مشروع فلا ، وعلى وجوب الزكاة وليس فيه انها في اي شيء وما مقدارها وشرائط وجوبها وليس فيه جميع تفاصيل احكام الحج ولا اشتراط رفع الجهالة في البيع وان ، الربا في اي شيء يتحقق ، ولا ان النكاح يقع بلفظ اعطيت او لا بد من زوجت وانكحت وهكذا جميع الاحكام من الطهارة الى الديات فلا يقال عن هذا انه قصور في بيان الكتاب فان الكتاب لم يرد منه الا هذا المقدار من البيان وأوكل التفصيل الى بيان الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والاختلاف في مسائل الدين كثير من الصدر الاول الى اليوم مع وجود القرآن العظيم وكل يدعي ان الحق معه فظهر ان الكتاب لا يمكن ان يستغنى به وحده ومن زعم ذلك فقد غالط نفسه او حاول العناد. واما انه ليس قصورا في روح النبوة ولا في التبليغ فلانه قد وقع الاختلاف في الاحكام التي بينتها روح النبوة اصولا وفروعا ولم يستلزم ذلك هذا القصور فان المبلغين بالفتح منهم من حفظ ومنهم من نسي وضيع ومنهم من غير كما يشهد بذلك اختلاف الامة المستمر من الصدر الاول الى اليوم وما بعد اليوم فدعوى الحاجة الى امام معصوم ليست طعنا في اصل الدين بل هي دفاع عنه وانما دعوى عدم عصمة الإمام هي الطعن في اصل الدين بان صاحب الشرع والدين ترك الامة سدى لم ينصب لها من يحفظ عليها دينها ورضي لها بنصب من ليس بمعصوم عن الخطأ في امور الدين.