• الفهرس
  • عدد النتائج:

(ونقول) هذا الكلام كسائر كلماته لا يخرج عن ان يكون زخرفة مجردة لا طائل تحتها فالأمم من عهد آدم عليه‌السلام الى اليوم فيها الصالح والطالح كما نبهنا عليه مرارا عند تكريره لهذه المزخرفات ، وقد اخبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن هذه الأمة بقوله لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه ، وهذا يمنع ان تكون جميع افرادها مقدسة وانها لم تكن متبعة سنن من كان قبلها بل يدل على ان اكثر افرادها ليس كذلك لتوجيه الخطاب الى العموم ، ولكن الله تعالى ميز هذه الأمة بمميزات اكراما للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فرفع عنها المسخ والخسف وغير ذلك مما كان يجري في الأمم السالفة. وإن فعلت ما يوجب ذلك من افعال الأمم السابقة وجعلها خير أمة أخرجت للناس بنبيها وشريعتها التي فاقت جميع الشرائع وبأنها تأمر بالمعروف وتنهي عن المنكر كما في آخر الآية. وهو كالتعليل فمن لم تكن صفته ذلك فهو خارج عن الآية. واما انها شريكة نبيها في كل ما كان له وفي كل نعمة وفضل انعم الله بها عليه فالله تعالى انعم على نبيه بالنبوة والعصمة وبظهور المعجزات على يديه وانه على خلق عظيم والتأييد بالوحي السماوي وان قوله وفعله وتقريره حجة وانه اولى بالمؤمنين من انفسهم وانه رحمة للعالمين الى غير ذلك فهل صارت الأمة شريكة نبيها في كل هذه الأمور. فكل واحد منها نبي وموسى جار الله نبي وكل منها معصوم من الخطأ والذنب وظهرت على يده المعجزات وهو على خلق عظيم ، مؤيد بالوحي السماوي وافعاله واقواله حجة وهو اولى بالمؤمنين من انفسهم وهو رحمة للعالمين ، وكثير من افراد الأمة كان نقمة عليها بما أثار من الفتن والمفاسد والحروب وفي الأمة ما لا يحصى من أهل الفساد والشقاوة والشر ان لم يكن الأكثر كذلك (وَما أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ. وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ. وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ. وَلكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ. وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ. وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ) فهل هؤلاء شركاء للنبي في فضله وكماله وورثوه منه بعد مماته؟ فالله تعالى انعم على نبيه بنعم فشكرها وشملت جملة من تلك النعم امته فشكرها أقلهم وكفرها اكثرهم فوعد الله من شكرها المزيد وتوعد من كفرها بالعذاب الشديد بقوله : (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي