وإن العرش فوق الماء طاف |
| وفوق العرش رب العالمين |
وهذه الفوقية هو تفسير الاستواء المذكور في القرآن والسنة ، والجهمية يجعلون كونه فوق العرش بمعنى أنه خير من العرش أفضل منه كما يقال الأمير فوق الوزير والدينار فوق الدرهم ، والمعنى عندهم أنه أعلم الأمة بأن الله خير وأفضل من العرش.
فيا للعقول ؛ أين في لغة العرب حقيقة أو مجازا أو كناية واستعارة بعيدة أن يقال استوى على كذا إذا كان أعظم منه قدرا وأفضل ، هذا من لغة الطماطم لا من لغة القوم الذين بعث فيهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم وكتاب الله لا يحتمل هذا التأويل الباطل الذي تنفر عنه العقول يوضحه :
الوجه الثامن والعشرون : أن تفضيل الرب تعالى على شيء من خلقه لا يذكر في شيء من القرآن إلا ردا على من اتخذ ذلك الشيء ندا لله تعالى فبين سبحانه أنه خير من ذلك الند كقوله تعالى (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى ، آللهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ) (النمل : ٥٩).
وقوله تعالى حاكيا عن السحرة (لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلى ما جاءَنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالَّذِي فَطَرَنا ، فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ إِنَّما تَقْضِي هذِهِ الْحَياةَ الدُّنْيا ، إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنا لِيَغْفِرَ لَنا خَطايانا وَما أَكْرَهْتَنا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللهُ خَيْرٌ وَأَبْقى) (طه : ٧٢ ، ٧٣) وقوله تعالى : (أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ) (النمل : ١٧) فأما أن يفضل نفسه على شيء معين من خلقه ابتداء فهذا لم يقع في كلام الله ولا هو مما يقصد بالإخبار ، لأن قول القائل ابتداء : الله خير من ابن آدم وخير من السماء وخير من العرش ، من جنس قول : السماء فوق الأرض والثلج بارد والنار حارة ، وليس في ذلك تمجيد ولا تعظيم ولا مدح ، ولهذا لم يجيء هذا اللفظ في القرآن ، ولا في كلام الرسول صلىاللهعليهوسلم ولا مما جرت عادة الناس بمدح الرب تعالي به مع تفنن مدحهم ومحامدهم ، بل هو أرك كلام وأسمجه وأهجنه ، فكيف يليق بهذا الكلام الذي يأخذ بمجامع القلوب عظمة وجلالة ، ومعانيه