• الفهرس
  • عدد النتائج:
  • المقدمة

  • نظرية المعرفة والمعارف البشرية

  • الفصل الأول

  • تعريف المعرفة

  • الفصل الثاني

  • أقسام المعرفة

  • والمكانة العلمية المرموقة ، تأثيراً في انبهار العيون وانجذاب النفوس إليها ، قهراً بلا اختيار. ومن الناس من يجعل المنزلة مقياساً للحق والباطل ، فإذا سمع كلاماً من شخصية بارزة يتلقّاه حقّاً بحجة أنّ قائله ذو مكانة اجتماعية أو مرتبة عالية. كما أنّه إذا تلقى كلاماً أو رأياً من فاقد تلك المنزلة ، لا يعطيه بالاً أو يجعله في خانة الشك والترديد ، وهذا من موانع نيل الواقع ومعرفة الحق والباطل.

    فالواجب على كل متحرٍّ للحقيقة اجتناب هذه العادة الجارية بين السذج من الناس ، فإنّ الشخصيات الاجتماعية والعلمية ، مهما بلغت في درجات السلطة والوقار أو العلم والكمال ، ليست بمعصومة ، وإنّما العصمة تختص بالأنبياء وأوصيائهم (١) ، وأمّا غيرهم فيجوز عليهم الخطأ والاشتباه. فعليه أن ينظر إليهم بعين الاحترام والتوقير ، لا متابعتهم في المسائل العقلية والعلمية بلا دليل وبرهان ، فإنّ التبعية في هذه المجالات ، تُعْقِم العقول عن الإبداع ، وتُحَجِّر الطاقات الباطنية عن التفتح والازدهار. وإنّما ينظر إلى نفس الكلام ، بغض النظر عمّن صدر منه.

    وفي التعاليم الإسلامية إيعاز إلى ذلك ، نذكر منه :

    ـ ما روي عن الإمام عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام أنّه قال : «أُنظر إلى ما قال ، ولا تنظر إلى من قال».

    وما روي عنه عليه‌السلام عند ما سئل عن محاربته طلحة والزبير وعائشة أم المؤمنين ، وهم أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أيمكن أن يجتمعوا على باطل؟ فقال : «إنّك لملبوس عليك ، إن الحق والباطل لا يعرفان بأقدار الرجال ، اعرف الحق تعرف أهله ، واعرف الباطل تعرف أهله» (٢).

    وقد كان لانبهار عيون الشرقيين بإنجازات الغرب الصناعية ، تأثيرٌ كبيرٌ

    __________________

    (١) لأدلة تأتي في بحث النبوة العامة.

    (٢) «علي وبنوه» ، للدكتور طه حسين ، ضمن المجموعة الكاملة لمؤلفاته ، المجلد الرابع : ٤٦٨ ، ط دار الكتاب اللبناني ، ١٩٣٩ م بيروت.

    ويعلّق طه حسين على هذا الحديث بعد نقله بقوله : «وما أعرف جواباً أروع من هذا الكتاب ...».