يصلح له من الأدب ، واسع مع أهله في كل عدو وخبب ، يفر (١) لك عرضك ، وتستوطئ (٢) بك أرضك ، ويستحكم لذلك إبرامك ونقضك ، ويستتر عنك مدّعي بغضك.
ولا تحمل الحقد على أترابك ، ولا تحملنك المماحكة (٣) في الأحكام ، على ملادّة (٤) ذوي الأحلام ، فربما أورث المحك الشحنا ، وأبان لك من خليلك ما كان عنك مستكنا(٥).
تم الجزء الثالث من المكنون والحمد لله رب العالمين.
واقبل نصيحة من حباك بنصيحته ، واتعظ لموعظته ، لا تجانب السداد ، واحتمل قوارع (٦) الفؤاد ، واسل عما كنت له آلفا ، حتى تظفر بما صرت (٧) له مستأنفا ، وتصرّف (٨) لك نفسك تصرف الذلول في زمامك ، (٩) وتكون عيوبك أمامك ، ترمقها بعين العيافة،(١٠) حتى تعود إلى ما به أمرت من المؤالفة ، وإياك أن تكون على ما لا تمقه (١١) من غيرك مقيما ، فتكون عند الناس مذموما ، ولا تدع إصلاح ما يذمه منك غيرك ، باجتنابك له ما مدّ لك عمرك.
يا بني : فإن عجزت عن استئصاله ، فحل به بالتحلق عن محالّه (١٢).
__________________
(١) الخبب : المشي السريع. ويفر : يبقى كثيرا لا ينقص. والمعنى لا يشتم.
(٢) تستسهل وتستلين.
(٣) في (أ) و (ج) : تحملك. والمماحكة : اللجاجة.
(٤) خصام وجدل.
(٥) مختفيا.
(٦) النوازل الشديدة.
(٧) في (أ) و (ج) : كنت.
(٨) أي تتصرف. حذفت التاء تخفيفا. كقوله تعالى : (وَلا تَفَرَّقُوا).
(٩) في (ب) و (د) : زمانك. تصحيف.
(١٠) ترمقها : تنظرها شزرا. والعيافة : الكراهة.
(١١) تحبه. من المقة.
(١٢) استئصاله : قلعه من أصله. وحل به : أزله واذهب به. وفي (ب) و (ج) : بالتخلق. والتحلق : الترفع. ـ