مرميا به يرميه السيل إلى ساحل الوادي فيعلق بالأشجار والأحجار ويرميه الصائغ عن بوتقته ، وأما ما ينفع الناس من الماء للسقي والري فيمكث في الأرض ، وكذا ما ينفع من الحلي والمتاع يبقى في بوتقة الصائغ (١) والحداد وقوله تعالى : (كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ) أي مثل هذا المثل الذي ضربه للحق في بقائه والباطل في ذهابه وتلاشيه وإن علا وطغا في بعض الأوقات ، (يَضْرِبُ) أي بين الأمثال ، ليعلموا فيؤمنوا ويهتدوا فيكملوا ويسعدوا.

هذا ما تضمنته الآية الأولى (١٧) وأما الآية الثانية (١٨) فقد أخبر تعالى بوعد له ووعيد أما وعده فلأهل طاعته بأن لهم الحسنى (٢) الجنة وأما وعيده فلأهل معصيته وهو أسوأ وعيد وأشده (٣) ، فقال تعالى في وعده : (لِلَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنى) وقال في وعيده : (وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) أي من مال ومتاع (وَمِثْلَهُ مَعَهُ) أيضا لافتدوا به من العذاب الذي تضمنه هذا الوعيد الشديد ، ويعلن عن الوعيد فيقول : (أُولئِكَ) أي الأشقياء (لَهُمْ سُوءُ الْحِسابِ) وهو أن يحاسبوا على كل صغيرة وكبيرة في أعمالهم ولا يغفر لهم منها شيء (وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ) أي مقرهم ومكان إيوائهم (وَبِئْسَ الْمِهادُ) أي الفراش جهنم لهم.

هداية الآيات

من هداية الآيات :

١ ـ استحسان ضرب الأمثال لتقريب المعاني إلى الأذهان.

٢ ـ ثبات الحق ، واضمحلال الباطل سنة من سنن الله تعالى.

٣ ـ بيان وعد الله للمستجيبين له بالإيمان والطاعة وهي الجنة.

٤ ـ بيان وعيد الله لمن لم يستجب له بالإيمان والطاعة.

__________________

(١) هذا مثل للحق والباطل إذا اجتمعا فإنه لا ثبات للباطل ولا دوام له مثل الزبد مع الماء أو مع الحلية لا يبقى بل يذهب ويتلاشى ويضمحل والمراد من الحق والباطل : الإيمان والكفر ، واليقين والشك.

(٢) ومن الحسنى : النصر في الدنيا والتمكين فيها لأهل التوحيد.

(٣) وهو النار وبئس المهاد.