(زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ) : أي صوت شديد وهو الزفير وصوت ضعيف وهو الشهيق.

(عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ) : أي غير مقطوع بل هو دائم أبدا.

(فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هؤُلاءِ) : أي في شك من بطلان عبادة هؤلاء المشركين.

(نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ) : ما قدر لهم من خير أو شر رحمة أو عذاب.

معنى الآيات :

قوله تعالى (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً) أي إن في أخذ الله تعالى للأمم الظالمة وتعذيبها بأشد أنواع العذاب آية أي علامة واضحة على أن من عذّب في الدنيا قادر على أن يعذب في الآخرة فالمؤمنون بلقاء الله تعالى يجدون فيما أخبر تعالى به من إهلاك الأمم الظالمة آية هي عبرة لهم فيواصلون تقواهم لله تعالى حتى يلاقوه وهم به مؤمنون ولأوامره ونواهيه مطيعون. وقوله تعالى (ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ (١) لَهُ النَّاسُ وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ) أي ذلك الذي فيه عذاب الآخرة هو يوم القيامة حيث يجمع فيه الناس لفصل القضاء (وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ) إذ تشهده الخلائق كلها وقوله تعالى (وَما نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ) أي وما يؤخر يوم القيامة إلا لإكمال عمر الدنيا المعدود السنين والأيام بل والساعات. وقوله تعالى (يَوْمَ يَأْتِ) أي (٢) يوم القيامة (لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ (٣) إِلَّا بِإِذْنِهِ) أي (٤) بإذن الله تعالى وقوله (فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ) أي والناس فيه ما بين شقي وسعيد ، وذلك عائد إلى ما كتب لكل إنسان من شقاوة أو سعادة في كتاب المقادير ، أولا ، ولما كسبوا من خير وشر ثانيا. وقوله تعالى (فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا) أي في حكم الله وقضائه ففي النار لهم فيها زفير وهو صوت شديد وشهيق (٥) وهو صوت ضعيف والصوتان متلازمان إذ هما كأول النهيق وآخره عند الحمار. وقوله تعالى (خالِدِينَ فِيها) أي في النار (ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ) أي مدة دوامهما ، وقوله (إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ) أن لا يخلد فيها وهم أهل التوحيد ممن ماتوا على كبائر الذنوب. وقوله تعالى (إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ) أي إن ربك أيها الإنسان فعال لما يريد إذا أراد شيئا فعله

__________________

(١) الجمع أصله لمّ الشتات والمتفرق منه يكون واحدا والجمع حشر الناس يوم القيامة في صعيد فصل القضاء.

(٢) قرىء يوم يأت بدون ياء لأن الياء تحذف إذا كان قبلها كسرة.

(٣) لا تكلم الأصل لا تتكلم بتائين وحذفت إحداهما للتخفيف وقرىء (يَأْتِ) بالياء وهو الأصل والحذف للتخفيف لا غير كقول الرجل لا أدر فيما لا يدري.

(٤) وردت آيات فيها نفي الكلام عن أهل الموقف إلا بإذن الله تعالى وأخرى تثبت ذلك والجمع أن للمحشر مواقف وأحوالا فيؤذن لهم فيها أحيانا ولا يؤذن لهم أحيانا أخرى ولا خلاف في أنه لا يتكلم أحد إلا بإذن الله تعالى له بالكلام.

(٥) اختلف في تحديد معنى كل من الزفير والشهيق وما في التفسير خلاصته وهما أصوات المحزونين والزفير مأخوذ من الزّفر وهو الحمل على الظهر لشدته ، والشهيق النفس الطويل مأخوذ من قولهم جبل شاهق طويل.