(فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) : أي شك ونفاق وشرك.

(فَزادَتْهُمْ رِجْساً) : أي نجسا إلى نجس قلوبهم ونفوسهم.

(يُفْتَنُونَ) : أي يمتحنون.

(وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ) : أي لا يتعظون لموات قلوبهم.

(صَرَفَ اللهُ قُلُوبَهُمْ) : دعاء عليهم بأن لا يرجعوا إلى الحق بعد انصرافهم عنه.

(لا يَفْقَهُونَ) : أي لا يفهمون أسرار الخطاب لظلمة قلوبهم وخبث نفوسهم.

معنى الآيات :

هذا آخر حديث عن المنافقين فى سورة براءة الفاضحة للمنافقين يقول تعالى (وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ) (١) أي من سور القرآن التي بلغت ١١٤ سورة نزلت وتليت وهم غائبون عن المجلس الذي تليت فيه ، فمنهم أي من المنافقين من يقول : (أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً) (٢) وقولهم هذا تهكم منهم وازدراء قال تعالى (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا) بحق وصدق (فَزادَتْهُمْ إِيماناً) لأنها نزلت بأحكام أو أخبار لم تكن عندهم فآمنوا بها لما نزلت فزاد بذلك إيمانهم وكثر كما كان أن إيمانهم يقوى حتى يكون يقينا بما يتنزل من الآيات وقوله (وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) أي فرحون مسرورون بالخبر الذي نزل والقرآن كله خير كما هم أيضا فرحون بإيمانهم وزيادة يقينهم (وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) أي شك ونفاق (فَزادَتْهُمْ رِجْساً) (٣) أي شكا ونفاقا (إِلَى رِجْسِهِمْ وَماتُوا وَهُمْ كافِرُونَ). وقوله تعالى (أَوَلا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ) (٤) أي أيستمر هؤلاء المرضى بالنفاق على نفاقهم ولا يرون أنهم يفتنون أي من أجل نفاقهم مرة أو مرتين أي يختبرون بالتكاليف والفضائح وغيرها (ثُمَّ لا يَتُوبُونَ) من نفاقهم (وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ) فيتعظون فيتوبون هذا ما دلت عليه الآيات الأولى (١٢٤) والثانية (١٢٥) والثالثة (١٢٦) أما الآية الرابعة (١٢٧) فقد تضمنت سوء حال هؤلاء المنافقين وقبح سلوكهم فسجّلت عليهم وصمة عار وخزي إلى يوم القيامة إذ قال

__________________

(١) (ما) صلة لتقوية الكلام حسب الأسلوب العربي البليغ.

(٢) الإيمان لغة : التصديق. وشرعا : تصديق الله ورسوله في كل ما أخبرا به وأركانه ستة ويزيد بالطاعة وينقص بالعصيان.

(٣) شكّا إلى شكّهم ، وكفرا إلى كفرهم ، وإثما إلى إثمهم إذ الشك والكفر من أعظم الآثام.

(٤) قال قتادة والحسن ومجاهد : بالغزو والجهاد مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ويرون ما وعد الله من النصر يريد يتحقق أمامهم وكأنهم لا يعقلون.